Home اقتصادأزمة حقل الدرة تهدد أمن واستقرار منطقة الخليج العربي

أزمة حقل الدرة تهدد أمن واستقرار منطقة الخليج العربي

by dina s
74 views
A+A-
Reset

العموم نيوز: 1فبراير 2025

نهاد إسماعيل – لندن
النزاع الدائر حول حقل الدرة يعود إلى ستينيات القرن الماضي، حين منحت إيران امتيازاً بحرياً للشركة النفطية الإنكليزية الإيرانية التي أصبحت لاحقاً “بي بي”، فيما منحت الكويت الامتياز إلى “رويال داتش شل”. النزاع حول “الدرة” سيخلق توترات جديدة مع دول الخليج التي تسعى للتقارب من إيران، مؤكدا أن الموقف الكويتي والسعودي واضح بشأن أحقيتهما الحصرية في تطوير الحقل دون أي تدخل إيراني.
منذ صيف 2023 نقرأ عناوين صحفية ( اتهامات خليجية لإيران برفض الدخول في حوار أو تفاوض بشأن الحقل، والمماطلة لشراء الوقت، بذات الطريقة التي اعتادت عليها طهران في مفاوضات الملف النووي.)
هذا يحدث بوقت حرج، وفي ضوء عودة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية وتبادل السفراء، ولا احد يرغب في حدوث توترات اضافية ومنطقة الخليج لا تحتاج لأزمة جديدة.
وظهرت بوادر الأزمة بعد اعلان الرياض 4 يولو تموز 2023 أن “السعودية والكويت فقط” تملكان حق استغلال الثروات الطبيعية في حقل غاز “الدرة”، وذلك بعدما أعلنت طهران استعدادها لبدء التنقيب في الحقل الواقع في مياه الخليج. هذه التطور اعتبره المراقبون انتكاسة لاستئناف العلاقات الخليجية الإيرانية .وجاء ذلك قبل يوم واحد من عقد لقاء هو الأول منذ ثماني سنوت بين وزير النقط الإيراني جواد أوجي مع نظيره السعودي عبد العزيز بن سلمان، في فيينا على هامش المؤتمر الدولي الثامن لمنظمة أوبك، وبعد أقل من 4 أشهر من استئناف طهران والرياض العلاقات الدبلوماسية في مارس/ آذار 2023. وسابقا وبالتحديد في 26 مارس/آذار 2022، اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن الاتفاق بين السعودية والكويت لتطوير حقل “آرش/ الدرة” للغاز خطوة “غير قانونية”، مؤكدة احتفاظ إيران بحق الاستثمار في الحقل المشترك بين الدول الثلاث. ايران تسمي حقل الدرة حقل آرش. وأشارت إلى أن هنالك أجزاء منه في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت، داعية إلى دخول الدول الثلاث في مفاوضات حول كيفية استثمار الحقل المشترك.

وفي السياق، أشرت في مقالاات سابقة أن النزاع حول “الدرة” سيخلق توترات جديدة مع دول الخليج التي تسعى للتقارب من إيران، مؤكدا أن الموقف الكويتي والسعودي واضح بشأن أحقيتهما الحصرية في تطوير الحقل دون أي تدخل إيراني. وتم توجيه اتهامات خليجية لإيران برفض الدخول في حوار أو تفاوض بشأن الحقل، والمماطلة لشراء الوقت، بذات الطريقة التي اعتادت عليها طهران في مفاوضات الملف النووي. وقلت أن“هذا يحدث بوقت حرج، وفي ضوء عودة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية وتبادل السفراء، ومنطقة الخليج لا تحتاج لأزمة جديدة”.

وتسائلت “وماذا عن إمكانية قبول إيران لرسم حدود بحرية من قبل سلطات متخصصة مستقلة دولية وموثوقة أو قبولها لتحكيم دولي بشأن الأحقية بحقل الدرة،؟ ورأيي أن “أي تحفظ إيراني تجاه مقترح كهذا سيكون بمثابة تأكيد لنظرية المماطلة والمناورة وافتعال أزمة في منطقة الخليج”، واستبعد أن يسفر الخلاف حول ملكية “الدرة” عن تداعيات مؤثرة على الاقتصادين الكويتي والسعودي.
لا شك أن استغلال الحقل سيضيف للقدرات الكويتية والسعودية في تصدير الغاز، لكنه لن يكون واقعا دون استثمار، وهو ما لن يتحقق في ظل تهديدات إيرانية، ما يعني ضرورة الوصول لحل سياسي بشأن “الدرة” كشرط رئيس لاستغلاله.
مماطلة إيرانية
الخلاف على حقوق حقل الدرة بين الكويت والسعودية من جانب وإيران من جانب آخر يهدد العلاقات الإيرانية الخليجية، خاصة أن إيران تريد حصة 40% من الحقل حسب تصريحات لوزير النفط جواد أوجي، في 30 يوليو/ تموز 2023. واضح ان إيران تماطل إزاء طلب الكويت والسعودية ترسيم الحدود البحرية، بينما تدفع الكويت باتجاه البدء بالتنقيب والإنتاج، وهو ما أعلنه وزير النفط الكويتي سعد البراك، مشددا على أن بلاده “لن ننتظر ترسيم الحدود”. هناك تقديرات سابقة من مصادر مختلفة تشير إلى احتوائه على 60 ترليون قدم مكعبة من الغاز. ورغم أن اكتشاف “الدرة” جرى في الستينيات من القرن الماضي إلا أنه لم يتم استغلاله، لأن الغاز الطبيعي لم يكن في هذا الوقت من الأصول المهمة في الاقتصاد العالمي، ولم يكن مصنفا كسلعة استراتيجية كما هو الحال في السنوات الأخيرة في ظل أزمات الطاقة الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية. للتوضيح الخطة الكويتية السعودية تشمل تطوير “الدرة” وإنتاج مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز الطبيعي و84 ألف برميل من المكثفات يوميا، على أن يتم تقاسم المخرجات بالتساوي بين البلدين. ومن شأن هذه المقادير أن تساعد في تلبية الاستهلاك المحلي المتنامي في البلدين، ولكن التأثير على أسواق الغاز الطبيعي والغاز المسال العالمية سيكون ضئيلا، رغم أن حقل الدرة له فائدة اقتصادية متواضعة للسعودية والكويت، كما أن أهميته لأسواق الطاقة العالمية ستكون محدودة. ولكن الانعكاسات الاقتصادية على الكويت والسعودية وحتى إيران ذاتها ستكون “محدودة للغاية”، خاصة أن الدول الثلاث لديها احتياطيات من النفط والغاز تكفي للاستهلاك والتصدير للأسواق العالمية، كما أن التأثير على اقتصاد الطاقة العالمية سيكون محدودا ولا يهدد الإمدادات العالمية؛ ولذا فإن “الثمن السياسي للخلافات أكثر خطرا من الثمن الاقتصادي”،
لحل هذا النزاع يجب اتفاق الدول الثلاث على خطة لترسيم الحدود حسب قوانين البحار خاصة المادة 76 من المعاهدة الدولة المبرمة عام 1982 التي توضح تفاصيل الجرف القاري وتحديد المياه الاقليمية والمنطقة الخالصة. لا تملك ايران سندا قانونيا لمطالبها حتى الآن، ولذا تسعى الكويت لتطوير “الدرة” مع السعودية وتقاسم المستخرجات بالتساوي، وجاء الرد الإيراني شديد اللهجة بمثابة “استعراض لعضلاتها العسكرية في المنطقة”،
وفي تطور حديث جاء الإعلان الكويتي والسعودي الاسبوع الماضي عن إكمال الدراسات الهندسية الخاصة بتطوير حقل الدرة النفطي-الغازي المشترك، ليعكس إصرار الرياض والكويت على المضي قدماً في الاستغلال المشترك للحقل، مستندين إلى اتفاقية 2019 التي تُقدر احتياطيات الحقل بنحو 800 مليون برميل نفط و600 مليار قدم مكعبة من الغاز.

ورغم ذلك، فإن هذه الكميات من النفط والغاز من شأنها أن تسهم بشكل محدود في تلبية الطلب المحلي، دون تأثير ملحوظ على الأسواق العالمية، لأن المطالب الإيرانية، التي تدعي حقوقاً في 40% من الحقل، تواجه رفضاً كويتياً – سعودياً قائماً على اتفاقية ترسيم حدودية تُضمّن الحقل كاملاً ضمن المنطقة المحايدة بينهما. ولأن طهران تفتقر إلى سند قانوني دولي لمطالبها، ما دفعها إلى استخدام خطاب تهديدي، كتصريحات مساعد الرئيس الإيراني، محمد دهقان، الذي هدد بالبدء باستغلال النفط والغاز من الحقل حال بدأت الكويت.
وفي هذه المرحلة استبعد تصعيداً إيرانياً بشأن حقل الدرة في المدى المنظور، نظراً للتراجع الجيوسياسي الإيراني في الملفات الإقليمية، مثل لبنان وسورية، والخوف من ردات فعل أميركية محتملة تحت إدارة ترامب.

الخلاف حول حقل الدرة يحمل أبعاداً سياسية تفوق نظيرتها الاقتصادية، إذ تتمتع الدول الثلاث باحتياطيات كافية من النفط والغاز.

 

 

 

 

 

You may also like

Leave a Comment

اخر الاخبار

الاكثر قراءة

جميع الحقوق محفوظة العموم نيوز

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00