العموم نيوز: عقب سقوط النظام النازي في ألمانيا وانتحار أدولف هتلر، لجأ العديد من مجرمي الحرب النازيين إلى الفرار من البلاد بحثًا عن ملاذات آمنة في مختلف أنحاء العالم. استغل البعض منهم هويات مزورة للهرب، خاصة إلى دول في أمريكا الجنوبية، حيث تمكن عدد منهم من الإفلات لفترة قبل أن يتم القبض عليهم وتقديمهم للعدالة.
لكن ألويس برونر، أحد المسؤولين البارزين في فرق “شوتزشتافل” (SS) النازية، اختار وجهة مختلفة، متجهًا إلى سوريا، حيث حصل على اللجوء من نظام البعث. وُلد برونر عام 1912 في قرية فاس التابعة للإمبراطورية النمساوية المجرية. انضم إلى الحزب النازي في سن السادسة عشرة، وبعد انتقاله إلى ألمانيا عام 1933، انخرط في التشكيلات شبه العسكرية التي اشتهرت باستخدام العنف لتحقيق أهدافها.
بعد ضم النمسا إلى ألمانيا عام 1938، بدأ برونر عمله ضمن المكتب المركزي للهجرة اليهودية في فيينا، حيث أشرف على عمليات ترحيل واسعة لليهود. لاحقًا، أصبح ذراعًا أيمن لأدولف أيخمان، وساهم بشكل مباشر في ترحيل مئات الآلاف من اليهود من النمسا وسلوفاكيا وفرنسا واليونان إلى معسكرات الموت في أوروبا الشرقية. تشير التقارير إلى مسؤوليته عن ترحيل ما لا يقل عن 45 ألف يهودي نمساوي.
خلال الحرب، شغل برونر منصب قائد معسكر درانسي قرب باريس، حيث أرسل عشرات الآلاف إلى غرف الغاز. كما كثف عمليات الترحيل في سلوفاكيا خلال المراحل الأخيرة من الحرب.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، هرب برونر من ألمانيا الغربية إلى مصر باستخدام وثائق مزورة، ثم توجه إلى سوريا، حيث حصل على اسم مستعار “جيورغ فيشر” ومُنح منزلًا وراتبًا شهريًا. في المقابل، عمل كمستشار لنظام البعث السوري، مقدمًا خبرته في التعذيب وطرق الاستجواب للأجهزة الأمنية.
في فرنسا، صدر حكم غيابي بالإعدام على برونر، وطالبت دول غربية عديدة بتسليمه، لكن نظام حافظ الأسد رفض ذلك. تعرض برونر لمحاولتي اغتيال باستخدام رسائل مفخخة أرسلها الموساد عامي 1961 و1980، مما أدى إلى فقدانه إحدى عينيه وأصابع يده اليسرى.
كان نظام الأسد على وشك تسليم برونر لألمانيا الشرقية في أواخر الثمانينيات، لكنه تراجع عن ذلك بعد سقوط جدار برلين.
لا تزال المعلومات متضاربة حول وفاته. تتحدث بعض المصادر عن وفاته عام 2001، بينما تشير أخرى إلى أنه توفي عام 2010 ودُفن في مكان مجهول قرب دمشق.