كتب : محمد الطّـورة
لا يحبذُ الإشادات والإطراءات، ولا يُصغي إلى الشعاراتِ الطنّانة الرنّانة؛ لأنّه يدُرك أنّ الاختبارَ الحقيقيّ ليس بكمِّ الشعارات والعبارات ذات التأثيرات الآنيّة، إنمّا بالعمل الجاد والدؤوب في تعبير حيّ عن شخصيته الرصينة؛ وهو ابنُ القرايا الذي أدركَ حساباتِ السرايا، فكانَ مثالًا واقعيًا على المسوؤلِ العصاميّ الذي صعدَ سُلّمَ العملِ العامِ من مبتداه إلى منتهاه، دون استخدامَ أساليبَ التسويق الذاتيّ كوسيلة لتضخيم الإنجازات وتهويلها وتحويلها إلى “مانشتات” برّاقة للعامّة.
إنّه رئيسُ جامعة البلقاءِ التطبيقيّة الأستاذ الدّكتور أحمد العجلوني الذي لا يمكن لهذا المقال أن يسع سيرته ومسيرته، سواءٌ أكانت سيرتهُ الشخصيّة أم الأكاديميّة، بالرغم من أن السّيرتين لا تنفصلان عن بعضهما، لكنّنا آثرنا في هذا المقال أنْ لا نتمحور أو نتمركز حول شخصه بقدر ما نهدف إلى إبراز ما أنجزهُ الدكتور العجلوني بشكل متفرّد، وحينما نقولُ متفرّد فإنّنا نعي أنّ هذا التفرّد لم يكن سوى حصيلة إنجازات تراكميّة حرص (هو) أي الدكتور العجلوني على جعلها مُنجزًا وطنيًّا وليستْ مُنجزًا شخصيًّا، ففي الآونة التي تنوء فيها معظم الجامعات بالديون؛ سعى العجلوني إلى تصفير ديون جامعة البلقاء التطبيقيّة كي لا تحول هذه الديون دون تطوّرها الريادي الذي اتخذ مسارًا تصاعديًا منذ زمن ليس بعيد، وبالفعل؛ استطاع العجلوني أَنْ يجعل “دفتر ديون” الجامعة خاويًا خاليًا، محافظًا على موقع الجامعة الطليعيّ، منكبًا على استدامة عملها الأكاديميّ والعلميّ؛ وهذا ما يتبدى بالأبحاث العلميّة التي تقدّمها الجامعة في كافّة التخصّصات والمجالات.
فلم يختزل العجلوني تلك الإنجازات بشخصه، ولم يسعَ إلى استخدامه ضمن حسابات شخصيّة- فرديّة رامية إلى الاستعراض والمبالغة والبهرجة؛ بل كان نموذجًا إيثاريًا مُنكِرًا للذات، وهنا؛ لا نبتغي أنْ نجزل له الإطراءات والإشادات -بالرغم من استحقاقه لها- لكنّنا نضع أمام القارئ حقيقةً ساطعةً أنّ المسؤولَ الذي يضع المصلحة العامّة أولويةً بالنسبة له، مراعيًا ضميرهُ الدينيّ والوطنيّ والوظيفيّ يستطيع أَنْ يجترح الإنجازات مهما كانت التحديات والعراقيل، ولا يكتفي بالتبريرات والتسويغات كحيلة لإلقاء الفشل والإخفاق على الظروف والأحوال وأخطاء من سبقوه.
الدكتور العجلوني الذي يتحدّر من أسرة أردنيّة كادحة كابدت الظروف وتجشّمت العناء كي توفّر التعليم لأبنائها؛ يُدرك ما يعني أَنْ تكون مؤسّسةٌ مثقلة بالديون، لهذا استهل عمله على تصفير ديونها، ومراعاة ظروف طلبتها، والانهماك في الأبحاث العلميّة، وتطوير عمل كليّاتها ورفع سويّتها، وتحسين جودة الأقسام، وانتخاب الكوادر العلميّة والتعليميّة حرصًا على صيت الجامعة الذائع، وإدراكًا منه بأنّه لا يمكنُ لأيّة جامعة مهما كانت مبانيها شاهقة ومزخرفة أَنْ تخرّج طالبًا موهوبًا ومُبدعًا إذا لم يكن الكادر التعليميّ على قدر المسؤوليّة، فبالنسبة للدكتور العجلوني العمل الأكاديميّ ليس ديكوريًا بل عملٌ وطنيٌّ يستدعي من العاملين فيه التمتع بالمسؤولية الوطنيّة تجاه الأردن وقيادته الهاشميّة ممثّلةً بصاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وولي عهده سمو الأمير الحسين ابن عبدالله.
استنادًا إلى ما ذكرناه آنفًا؛ ليس من المستغرب أو المُدهش أن تتبوأ جامعة البلقاء التطبيقيّة موقعًا رياديًا في التصنيفات العالمية الخاصّة بالأبحاث العلميّة وجودة التعليم ومخرجاته، وهذا إنْ دل؛ فإنما يدل على حصافة رئيسها الذي منذ تسلّم منصبه حريصًا على طي صفحة الديون، وتركيز وتركّز الجهود نحو أهداف الجامعة وخططها.