في خضم التحديات الإقليمية المتسارعة، لا بد من التأكيد الصريح والواضح على أن “أمن الأردن خط أحمر”.. وهنا لا مجال للتأويل أو التساهل حين يتعلق الأمر باستقرار وطننا، ولا مهادنة مع من تسوّل له نفسه العبث بمكانة الدولة، أو الإساءة لمواقفها الوطنية، أو التشكيك بمسارها السياسي.
لقد دأب “المطبخ السياسي”، وعلى مدار عقود، على العمل بصمت وحكمة، واضعاً نصب عينيه المصلحة الوطنية العليا، بعيداً عن المزايدات والشعارات الفارغة، ولم يكن يوماً أسير ردود الأفعال، بل كان وما زال يقرأ المشهد الإقليمي والدولي بدقة، ويتعامل معه بتوازن قلّ نظيره، حفاظاً على الداخل الأردني وعلى استقرار الدولة ومؤسساتها.
وفي هذا السياق، يجب أن يكون واضحاً أن حرية الرأي والتعبير في الأردن مصانة بموجب الدستور والقوانين، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بأن تتحول هذه الحرية إلى ذريعة للفوضى أو وسيلة للتحريض أو الإساءة للمجتمع والدولة؛ فالدولة الأردنية لا تستهدف النشطاء، ولا تلاحق أصحاب الرأي، وإنما تتحرك وفق نصوص قانونية واضحة عندما تُرتكب أفعال مُجرّمة تهدد الأمن والسلم المجتمعي.
ولعل أخطر ما يمكن أن يواجه أي مجتمع هو محاولة بعض الجهات، مهما كان حجمها أو أهدافها، بث الفتنة أو ضرب الوحدة الوطنية أو التشكيك بمؤسسات الدولة، كما لا يمكن السكوت عن شرذمة صغيرة تسعى للإساءة إلى وطن بأكمله، فالتماسك المجتمعي هو درع الحماية الأول في وجه حملات التشويه، ومحاولات النيل من الأردن ووحدته واستقراره.
أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فيكفي أن نستعرض تاريخ الأردن، قيادة وشعباً، لنفهم أن مواقف المملكة ثابتة وعروبية وأخوية، لا تقبل التبديل أو التراجع… وما يجري في فلسطين ليس جديداً، والأردن لم يكن يوماً على الهامش، بل في قلب الحدث، مدافعاً عن حقوق الفلسطينيين، رافضاً لكل أشكال الاحتلال والتهويد، لكن، ووسط كل هذه المعارك المصيرية، علينا أن نُبقي بوصلتنا الداخلية صلبة، وأعيننا مفتوحة على ما يُحاك ضد بلدنا.
أمننا ليس سلعة للمساومة، ولا مادة للتهديد، ومن يظن أنه قادر على زعزعة البلد أو تقويض استقراره، فهو واهم.. فهذا الوطن عصيٌّ على الانكسار، بوعيه الجمعي، وبقيادته الحكيمة، وبشعبه الذي لطالما التفت حول ثوابته الوطنية.. وليسمعها الجميع مرة أخرى؛ أمن الأردن خط أحمر.