التسريبات الإعلامية وتأثيرها على هيبة الدولة وأمنها
في السنوات الأخيرة، شهدنا ظاهرة دخيلة على المجتمع الأردني تتعلق بتصرافات بعض حاملي الألقاب من أصحاب الدولة والمعالي، الذين يتسابقون بالظهور على وسائل الإعلام المختلفة، يسردون بطولاتهم وتجاربهم وكشف ما لديهم من أسرار أطلعوا عليها إبان توليهم مناصبهم الحكومية، يتحدثون عنها بوضوح ودون أي تحفظات خلال ظهورهم الإعلامي. هذه الظاهرة وهذه التصريحات تعتبر مثيرة للجدل، حيث تأخذ الكثير من الجوانب القانونية والاجتماعية بعين الاعتبار. يطرح الكثيرون تساؤلات حول مشروعية الكشف عن معلومات تعتبر ملكاً للدولة، وهل هذا السلوك يخدم المصلحة العامة أم أنه قد يسبب ضرراً للقيم الوطنية. .
لنتصور لو أن بعض موظفي الدولة ساروا على خطى ونهج هؤلاء المسؤولين وقاموا بكشف ما لديهم من أسرار ومعلومات حساسة تتعلق بعمل المؤسسات والدوائر الحكومية التي عملوا فيها ماذا ستكون نتيجة ذلك على سمعة الوطن في الداخل والخارج؟
لذلك تعتبر التصرفات غير المسؤولة التي يقوم بها بعض كبار رجال الدولة بعد التقاعد بمثابة تهديد كبير لهيبة الوطن. غالباً ما تتضمن هذه السلوكيات الكشف عن أسرار الدولة أو الإفصاح عن معلومات حساسة تتعلق بأمنها القومي. في سياق يتزايد فيه التطور التكنولوجي، يصبح من السهل نشر المعلومات وتداولها دون إدراك العواقب المحتملة على سمعة البلاد واستقرارها. ويتجلى ذلك في حالات عديدة، مثل تسريبات الوثائق الحكومية التي تحتوي على معلومات استراتيجية وحساسة، مما يؤدي إلى زعزعة الثقة بين الحكومة والمواطنين.
على سبيل المثال، قد تساهم التصرفات غير المسؤولة في تعريض فرص التعاون الدولي للخطر. عندما يكشف البعض عن معلومات حساسة، فإن ذلك قد يدفع الجهات الأجنبية إلى إعادة تقييم العلاقات مع الدولة المعنية. كما أن هذه التصرفات تسهم في تعزيز صورة سلبية عن النظام السياسي وأجهزته، مما يجعله عرضة للانتقادات وزيادة الفجوة بين الحكومة والشعب. وهذه النتائج السلبية يمكن أن تعيق التقدم السياسي والاجتماعي، حيث يشعر المواطنون بعدم الأمان أو الثقة في مؤسساتهم.
يتمثل أحد أبرز العواقب لهذه التصرفات أيضاً في تفشي الفساد. عندما تتسرب المعلومات بصورة غير قانونية، فإنها تُستخدم أحيانًا لتحقيق مكاسب شخصية، مما يفضي إلى إضعاف مؤسسات الدولة. ضعف المؤسسات الحكومية في الحفاظ على سريتها يؤثر بشكل مباشر على قدرتها على أداء مهامها على الوجه الأكمل. بالتالي، فإن التحرك من قبل المؤسسات صاحبة الاختصاص أصبح واجبًا للحفاظ على هيبة الدولة، وضرورة لضمان الاستقرار والأمان لمستقبلها.
هذا وتعتبر التسريبات الإعلامية من أكثر القضايا التي تثير الجدل في الساحة السياسية، إذ تؤدي إلى تقويض هيبة الدولة وتفكيك مؤسساتها. يجب أن نكون على وعي بأن بقاء المعلومات السرية في نطاق المعقول هو أمر يحمي الوطن من الفوضى والمشاكل الداخلية.
من البديهي أن يتحمل كل مسؤول حالي أو سابق مسؤولية الحفاظ على سريّة المعلومات التي تتعلق بأمن الدولة. فبقيامهم بكشف الأسرار التي اطلعوا عليها بحكم مواقعهم، فإنهم لا يهددون فقط استقرار الدولة، بل يضعون مسؤولياتهم تحت طائلة المساءلة القانونية، من الضروري التأكيد على أن تلك الأفعال ليست مجرد صراع سياسي، بل إن الأمر مرتبط بمصير الوطن ومؤسساته.
من واجب مؤسسات الدولة فتح ملفات هذه التسريبات بجدية. يجب أن تتبنى الدولة سياسات صارمة لحماية المعلومات السرية ومعاقبة الأشخاص الذين يتجاوزون الحدود. تعزيز الثقة بين الدولة والشعب يتطلب العمل على خلق بيئة تضمن عدم خروج المعلومات الحساسة للعامة تحت طائلة القانون ، وهذا يأتي من خلال تطبيق الأعراف القانونية والاحترام الشديد لواجبات المناصب
حمى الله الأردن العالي وقيادته الهاشمية المظفرة وشعبه الوفي