العموم نيوز: تشهد الأوضاع في سوريا تطورات كبيرة مع تصاعد حدة المواجهات بين القوات الحكومية السورية وفصائل المعارضة المسلحة، حيث تتسارع وتيرة تقدم الفصائل المسلحة في عدة مناطق، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا). وفي الوقت الذي يؤكد فيه المسؤولون الإيرانيون دعمهم المستمر للرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة هذا التقدم، ظهرت تقارير جديدة تشير إلى أن إيران قد بدأت في سحب كبار قادتها العسكريين من سوريا.
مصادر إيرانية وإقليمية أفادت أن إيران بدأت بإجلاء كبار قادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى عناصر من الحرس الثوري وأفراد من السفارة الإيرانية في دمشق. وتمت عملية الإجلاء عبر الطائرات المتوجهة إلى طهران أو براً عبر العراق ولبنان. وجاءت هذه الإجراءات بالتزامن مع تصاعد المعارك في مناطق متعددة بسوريا، حيث سيطرت الفصائل المسلحة على العديد من المدن الكبرى مثل حلب وحماة، فضلاً عن تزايد المخاوف من تقدمها نحو مناطق جديدة في الجنوب.
المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، أشاروا إلى أن دمشق قد تتعرض للتهديد قريبًا، وأن بشار الأسد يحتاج إلى قوات برية لدعم موقفه العسكري. ورغم دعم إيران المستمر، بما في ذلك إرسال مستشارين عسكريين، فإن المسؤولين الأميركيين أبدوا تخوفهم من أن طهران قد تكون مترددة في تقديم مساعدة إضافية، خاصة في ظل تراجع فعالية الجيش السوري في مواجهة تقدم الفصائل المسلحة.
رغم سحب بعض القيادات الإيرانية، أكدت إيران على لسان مسؤولين رفيعي المستوى استمرار دعمها العسكري لدمشق. وقال مسؤول إيراني إنه من المرجح أن ترسل إيران مزيدًا من الصواريخ والطائرات المسيرة إلى سوريا، فضلًا عن زيادة عدد مستشاريها العسكريين هناك. وأضاف أن إيران تقدم أيضًا دعمًا في مجال المخابرات، بما في ذلك استخدام الأقمار الصناعية للحصول على معلومات دقيقة عن تحركات الفصائل المسلحة.
إضافة إلى ذلك، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا باقون هناك بناءً على طلب من الحكومة السورية.
رغم تأكيدات المسؤولين الإيرانيين، جاءت تصريحات وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في بغداد لتثير بعض اللبس حول مصير بشار الأسد. عراقجي أشار إلى أن مستقبل الأسد ليس أمرًا يمكن التنبؤ به في الوقت الراهن، في حين ألمح إلى أن “المقاومة”، في إشارة إلى الفصائل الشيعية الموالية لإيران مثل حزب الله، ستستمر في دعم الأسد ضد الفصائل المسلحة. هذا التصريح يعكس حالة من الغموض حول التزام إيران الكامل بمواصلة دعم الأسد في حال تفاقمت الأوضاع.
الفصائل المسلحة، التي تنتمي إلى طيف واسع من المجموعات، بدأت هجومًا مباغتًا من إدلب، أدى إلى سيطرتها على حلب، ثم حماة وريف حمص الشمالي، بالإضافة إلى درعا والسويداء في الجنوب. هذا التقدم السريع يثير قلقًا بالغًا بشأن قدرة الجيش السوري على استعادة السيطرة على هذه المناطق.
بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، أسفرت المعارك الأخيرة عن مقتل أكثر من 800 شخص، في حين فرّ حوالي 300 ألف مدني من مناطق المواجهات، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في البلاد.
إن سحب إيران لبعض قادتها العسكريين من سوريا قد يكون إشارة إلى أن طهران بدأت تدرك أن الوضع في سوريا أصبح أكثر تعقيدًا مما كان متوقعًا. وفي حين أن إيران ما زالت تقدم الدعم اللوجستي والعسكري لدمشق، فإن سحب بعض القيادات العسكرية قد يعكس ترددًا في التورط بشكل أعمق في النزاع السوري في ضوء التحديات الحالية. وفي هذا السياق، يُحتمل أن تؤثر هذه التحولات على مسار الحرب، خاصة إذا ما استمرت الفصائل المسلحة في تقدمها على الأرض.
في وقت تتزايد فيه المخاوف من تصاعد النزاع السوري، يبدو أن إيران تتبنى سياسة أكثر حذرًا، في حين أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب التطورات على الأرض. ومع تصاعد القوة العسكرية للفصائل المسلحة، يبقى مستقبل بشار الأسد غير واضح، ويعتمد بشكل كبير على الدعم الذي سيحصل عليه من حلفائه، وخاصة إيران وحزب الله.