العموم نيوز: نزل الآلاف إلى شوارع العاصمة الجورجية تبليسي، يوم السبت، في ثالث ليلة على التوالي من الاحتجاجات المؤيدة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك احتجاجاً على قرار الحكومة تأجيل بدء عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي حتى عام 2028. وقد أتى هذا القرار في وقت حساس، حيث تتهم المعارضة الحكومة الجورجية بالموالاة لروسيا، ما فجر موجة من الغضب في صفوف المواطنين.
وتشهد جورجيا الواقعة في منطقة القوقاز والمطلة على البحر الأسود حالة من الاضطراب منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 أكتوبر، والتي فاز فيها الحزب الحاكم “حلم جورجيا”. لكن المعارضة، التي تلتف حول الرئيسة سالومي زورابيشفيلي، اتهمت الحكومة بتزوير نتائج الانتخابات. وعلى إثر ذلك، اندلعت احتجاجات شعبية في الشوارع، تنديداً بالنتائج واحتجاجاً على تقارب الحكومة مع روسيا.
الاحتجاجات استمرت رغم قمع الشرطة، التي استخدمت خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع في تفريق المتظاهرين في اليومين السابقين (الخميس والجمعة)، ما أسفر عن توقيف حوالي 150 شخصاً. كما أصيب نحو 42 شرطياً في المواجهات. وبحسب وزارة الداخلية الجورجية، فإن المتظاهرين رشقوا رجال الأمن بالحجارة والألعاب النارية والقوارير الزجاجية والقطع المعدنية.
من جانبها، دانت الولايات المتحدة بشدة “استخدام الشرطة المفرط للقوة” ضد المتظاهرين، وأعلنت تعليق برنامج شراكة مع جورجيا، وهو ما زاد من تعقيد الوضع السياسي. وفي وقت لاحق، شهدت شوارع تبليسي مشهدًا مهيبًا حيث كان العديد من المتظاهرين يحملون أعلام الاتحاد الأوروبي وجورجيا، مطالبين بتسريع انضمام بلادهم إلى الاتحاد.
وأكدت آنا كولاشفيلي، إحدى المشاركات في التظاهرة، “مستقبلي يعتمد على ما ستفعله جورجيا الآن”، في إشارة إلى الأمل في أن تستمر البلاد في مسارها الأوروبي.
فيما يتعلق بالقرارات السياسية، أعلنت رئيسة جورجيا، سالومي زورابيشفيلي، أنها لن تغادر منصبها في 14 ديسمبر كما هو مقرر، مؤكدة أن ولايتها ستستمر طالما لم تجرِ انتخابات جديدة. وقالت في تصريحات لوكالة فرانس برس: “ولايتي مستمرة حتى يتم انتخاب رئيس جديد وفقًا لانتخابات برلمانية جديدة”.
أما رئيس الحكومة الجورجي إيراكلي كوباخيدزه، فقد أصر على أن جورجيا لن تسعى لبدء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي قبل 2028، رغم أنه أشار في وقت لاحق إلى أن الحصول على عضوية الاتحاد بحلول 2030 يبقى “أولوية” بالنسبة له. وقد جاءت هذه التصريحات في وقت حساس، بعد أن حصلت جورجيا على وضع الدولة المرشحة للعضوية في ديسمبر 2023، لكن الاتحاد الأوروبي جمد العملية بسبب ما وصفه بالتراجع في الإصلاحات الديمقراطية.
الرئيسة سالومي زورابيشفيلي أعربت عن تضامنها مع “حركة المقاومة” التي تقودها المعارضة، مشددة على ضرورة العودة إلى المسار الأوروبي وتنظيم انتخابات جديدة. وقالت في خطاب متلفز: “سنبقى متحدين حتى تحقق جورجيا أهدافها: العودة إلى مسارها الأوروبي وتنظيم انتخابات جديدة”.
وتتهم المعارضة حكومة “حلم جورجيا” بالتراجع عن هدف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وبتوجهاتها نحو موسكو. في المقابل، يعتبر الكثير من الجورجيين أن روسيا، التي غزت بلادهم في 2008، تشكل تهديدًا كبيرًا للأمن القومي.
وفي تطور آخر، انتشرت الاحتجاجات في مدن أخرى بجورجيا، حيث أقام المتظاهرون حواجز وأضرموا النيران في الطرقات. وقد لقيت أعمال القمع التي تعرض لها المتظاهرون إدانة من عدة أطراف أوروبية وغربية، مما يسلط الضوء على التوترات بين جورجيا وروسيا من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى.