المبعوث الأميريكي توم برّاك حذر من أنّ تمسك حزب الله بسلاحه يجعل احتمال الحرب قائمًا مع إسرائيل. فهل يتجه لبنان نحو المواجهة بسبب ذلك؟.
المبعوث برّاك قال إن لبنان هو الامتداد الطبيعي لعملية السّلام بعد سوريا. وأشار إلى أنّ واشنطن قدمت خطّة، سُميت محاولة أخيرة تتضمن نزع سلاح حزب الله بشكلٍ تدريجي بإشراف أميركي فرنسي؛ لكنّها فشلت بسبب نفوذ حزب الله في الحكومة اللبنانيّة.
برّاك حذر من أنّ استمرار حزب الله يضعف السيادة ويمنع الاستثمار، ويجعل الحرب مع إسرائيل احتمالًا قائمًا.
كما حذر من أنّ حزب الله قد يسعى إلى تأجيل انتخابات عام ألفين وست وعشرين؛ بحجّة الحرب لتجنب خسارة نفوذه.
هذهِ التصريحات لـ برّاك تعكس ثمة رغبه دوليّة في إيجاد نقطة حسمٍ بهذا الملف. في وقت يدور التساؤل حول مدى جاهزيّة لبنان لهذهِ المرحلة للخوض في هذا الملف؟ وما هو التالي في عمليّة حصر السّلاح بيد الدولة؟.
من الطبيعي بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزّة في قمّة شرم الشيخ، ودخول المنطقة في صفحة جديدة من مسار السّلام حسب ما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرًا في خطابه في الكنيست الإسرائيلي، وحديثه عن توسيع مسار اتفاقيات السّلام في المنطقة، أنّ تكون هذهِ هي الأولويات الأميريكية في المنطقة، خصوصًا وأنّ ما ذكره المبعوث برّاك بوضوح أثناء حديثه عن سوريا، وما قاله حول أنّ لبنان سيكون هو التالي في هذا المسار.
الولايات المتحدة تبحث عن حلٍ لسلاح حزب الله في لبنان، كما حدث في اتفاق غزّة والذي ينص بشكلٍ واضح حوّل تسليم سلاح حركة حماس في القطاع.
يبدو أنّ الولايات المتحدة اليوم تستغل الزخم السياسي الذي جاء إثر قمّة شرم الشيخ، لاعادة طرح ملف سلاح حزب الله بشكل أكثر جديّة، وهو الأمر الذي دخل عمليًا في مرحلة الحسم منذ اتفاق السابع والعشرين من شهر تشرين الثاني من العام الماضي، وتنازل وقبول الحزب تسليم سلاحه في جنوب نهر الليطاني، وبسط سيطرة الجيش في تلك المنطقة.
اليوم العقدة الأساسيّة هي تمسّك حزب الله بسلاحه في شمال نهر الليطاني، في وقت يقوم الجيش اللبناني بعمله في جنوب النهر ويصادر الأسلحة.
لبنان اليوم أمام مفترق خطير؛ لأنّ الرئيس ترامب يتحدث عن السّلام بالقوة، وهو ما يخشى منه؛ خصوصًا عند الوصول إلى طريقٍ مغلق، وهو ما ينذر بوقوع تصعيدًا إسرائيليًا أكثر مما شهدته لبنان خلال الأسابيع الماضية بشكلٍ تدريجي، وقد يصل إلى الضاحية الجنوبيّة أو قلب العاصمة بيروت.
سلاح حزب الله عُقدة الحل في لبنان، فهل من تحركٍ مغايرٍ لنزعه؟ التحذير الأميريكي يؤكد بأنّ تمسّك الحزب بسلاحه قد يفجر الوضع في إسرائيل.
معادلة دولة واحدة وجيش واحد، فهل ما تزال حلمًا مؤجلًا في لبنان؟.
في لبنان لا صوت يعلو فوق صوت السّلاح؛ سلاح حزب الله الذي ربما يؤدي تمسّك الحزب به إلى مواجهة مع إسرائيل غير محسوبة العواقب. حسب ما جاءت به أحدث التحذيرات الأميركية على صعيد هذا الشأن، في وقت تتصاعد الضربات الإسرائيليّة على الجنوب اللبناني، في وقت تقول إسرائيل بأنّها تستهدف مواقع وبنى تحتيّة للحزب في المنطقة، مقابل استهجان الرئاسة اللبنانيّة هذا التصعيد.
صحيح بأنّ المبعوث الأميريكي وجّه تحذيرات إلى لبنان بخصوص سلاح الحزب، لكن قُبيل ذلك شهد المشهد اللبناني تطورات عدّة.
الرئيس اللبناني جوزيف عون قال إنّ “الجو العام جو تسويات ولا بد من تفاوض”، في تطور سياسيٍ لافت إذ دعا عون إلى ضرورة التفاوض مع إسرائيل لحل المشكلات العالقة بين الطرفين بالتزامن مع بدء تطبيق المرحلة الأولى من خطّة الرئيس ترامب لإنهاء الحرب في غزّة.
الرئيس عون قال إنّ الدولة اللبنانيّة سبق لها وأن تفاوضت مع إسرائيل برعاية أميريكيّة وبرعاية الأمم المتحدة؛ مما أسفر عن اتفاق لترسم الحدود البحرية، في وقت تساءل عن الموانع التي تحول دون أن يتكرر الأمر نفسه لإيجاد حلول للمشاكل العالقة. مقابل ذلك حزب الله بقيت مواقفه على حالها، مع إعلان الحزب تمسّكه بالسّلاح، وقال المسؤول في الحزب أحمد ريا إنّ الحزب أعاد ترميم قواته وأعاد بناء قدراته وبات جاهزًا لكل الاحتمالات، وقال بأنّ الحزب لم يهزم خلال الحرب مع إسرائيل العام الماضي.
مشهد لبنان المضطرب إنعكس على تصريحات المبعوث برّاك التي اشتملت على الكثير من النقاط التي تستدعي الوقوف أمامها حول تطورات الملف اللبناني.
المبعوث برّاك قال إنّ لبنان هو الامتداد الطبيعي لمسار السّلام في منطقة الشرق الأوسط بعد الملف السوري. لكنّه أكّد أنّ نزع سلاح الحزب يبقى شرطًا أساسيًا لتحقيق الأمن والسّلام في المنطقة.
المبعوث برّاك اختصر المشهد اللبناني بقوله بأنّ معادلة جيش واحد ودولة واحدة ما تزال حُلمًا مؤجلًا.
مسألة السلاح تمس سيادة الدولة وتجعل احتمالية الحرب مع إسرائيل قائمة، كما أنّها تجسّد الانقلاب على اتفاق الطائف وتجسّد فائض القوة والهيمنة الإيرانيّة السوريّة على لبنان طيلة هذهِ المرحلة.
هذا السلاح أوصل لبنان إلى ما هو عليه اليوم، ليس على صعيد فاتورة المغامرات العسكريّة التي خاضها حزب الله، كما وضع لبنان في عزلة دوليّة في مرحلة ما بعد العام ألفين وأحد عشر.
فاتورة تمترس الحزب وتمسّكه بالسّلاح ستكون مكلفة أكثر من قضية بسط سلطة الدولة على أراضيها، والاسراع بتطبيق مقررات جلسة الخامس من آب والتي بدأ الجيش اللبناني بتنفيذها.
كما أنّ الولايات المتحدة عليها أن تدرك بأنّ الانتهاكات الإسرائيلية في الجنوب اللبناني من خلال إيصال رسائلها السياسيّة المغلفة بالنار من شأنها أن تشكّل ذريعة لحزب الله؛ للتمسك بسلاحه ما دامت الاستهدافات والاعتداءات الإسرائيليّة مستمرة، في وقت يتعين فيه على الحزب أن يدرك بأنّ سلاحه أيضًا لم يستطع أن يردع إسرائيل خلال الفترة الماضية أو يحول دون اغتيال قياداته.
لبنان يدفع ثمن تمسك حزب الله بسلاحه عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا.
المخرج الوحيد هو سحب ورقة السّلاح من إسرائيل والتفاوض معها لترسيم الحدود، وإخراجها من النقاط التي احتلتها بعد الحرب الأخيرة.
المؤشرات تشير إلى طموحات إسرائيليّة لإنشاء منطقة عازلة في الجنوب اللبناني وإنهاء شكل لبنان الذي نعرفه.
وتنشغل القيادة السياسيّة في لبنان حاليًا في كيفية تحييد لبنان وضمان عدم وقوع أي تصعيد سواء على المستوى العسكري أو السياسي أو الاقتصادي.
وتبقى التساؤلات الدائرة كيف سيكون المشهد اللبناني في سياق قراءة تصريحات برّاك المتعلقة في مسألة السلاح غير المنضبط في لبنان ليكون بيد الدولة؟.
فمن يمتلك مفتاح الحسم؟!.