Home اختيارات رئيس التحريرالأردن وطيور الظلام..

الأردن وطيور الظلام..

محمد حسن التل

by editor
19.6K views
A+A-
Reset

ما استفزنا في حديث خليل الحية قبل أيام أنه تجاوز الدولة الأردنية وخاطب الشعب الأردني مباشرة في إشارة غير بريئة لمحاولة فصل الموقف الرسمي الأردني عن الشعبي وكأنه يقول أن هناك تفاوتا أو حتى تناقض بين الموقفين ، والأكثر خطورة أيضا انه أشاد بالعمليات التي وقعت على الحدود مع فلسطين خارج القانون وكادت أن تمس بالأمن الوطني في دعوة لتكرارها غير آبها بانعكاستها الخطيرة على الأردن في وقت انفلتت إسرائيل من عقالها ولم تعد تبالي بأي نتائج لأي تصرف تقوم بها..

في حين أنه عندما خاطب مصر الشقيقة خاطب القيادة والشعب والجيش والأزهر وكل اليهئات المصرية كحزمة واحدة ولم يستخدم وهذا فرق كبير في اللغة والقصد!!

يتعرض الأردن بين الحين والآخر لحملات ممنهجة تهدف إلى تشويه مواقفه القومية، لا سيما تجاه القضية الفلسطينية يقف وراء هذه الحملات أطراف ذات دوافع سياسية ربما، تتعلق بالصراع على الأدوار أو الحسد من مكانة الأردن ودوره المحوري، فتسعى لتشويه صورته في محاولة بائسة لقلب الحقائق وتشويه الواقع..

في الداخل وبين صفوفنا للأسف، يندس من يحاول بث السموم والتشويش على السياسة الأردنية في مختلف الملفات لغايات مشبوهة ارتباطها خارج الحدود..

لم يكن الأردن يومًا يسعى لتحقيق مكاسب سياسية نتيجة لمواقفه من فلسطين، بل اعتبرها دومًا قضية عقيدة ورسالة قومية ، ووقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني واجب قومي دفع في سبيله أثمانًا باهظة، لكنه بقي ثابتًا على موقفه بإصرار وإيمان بأن فلسطين لأهلها، وأن حقوقهم فيها غير قابلة للمساومة.

وعلى مر العقود، قدّم الأردن تضحيات كبيرة، حتى عندما التزم بقرارات عربية كان يدرك أنها ستجر الويلات على فلسطين، كما حدث في عام 1967، لكنه التزم بها حرصًا على وحدة الموقف العربي رغم إدراكه للعواقب.

وفي عدوان غزة الأخير، كان الأردن في طليعة من تصدى للعدوان الإسرائيلي، وقاد معارك سياسية معقدة على الساحة الدولية لتغيير المواقف المنحازة لإسرائيل في بداية الحرب، ونجح في إحداث تحول ملموس في هذا الاتجاه ، وإلى جانب الدور السياسي، قدّم الأردن دعمًا لوجستيًا واسعًا، فكان أول من اخترق الحصار، وأدخل مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الحيوية لأهل غزة، جوًا وبرًا، رغم التحديات الهائلة، ولا يزال يواصل هذا الدور .

رغم كل هذه الجهود كما أشرت، تظهر بين الفينة والأخرى محاولات للطعن في ظهر الأردن، من جهات خارجية، وأحيانًا من داخل الوطن نفسه.. واللافت أن هذه الحملات ليست فردية بل تقف خلفها جهات منظمة داخلية وخارجية، وللأسف وتسهم وسائل إعلامية العربية في هذا التشويه، حين تتجاهل عمداً الجهد الأردني وتغطي عليه، في الوقت الذي تضخّم فيه أدوارًا رمزية لأطراف أخرى.

لمواجهة هذا الواقع، أولا لا بد من التعامل معه بعقلانية وتحليل هادئ، بعيدًا عن الانفعال، وتحديد الأطراف التي تقف خلف هذه الحملات، ووضع خطة هجومية مضادة تتضمن تنظيم الرسالتنا الإعلامية ، لمواجهة التشويه داخليًا وخارجيًا.

وهنا، لا يجب أن تقتصر هذه المهمة على مؤسسات الدولة، بل يجب أن يقوم بهذا الدور والمهمة من باب الواجب الوطني كل أردني خصوصا أولئك المتواجدين في الخارج لمواجهة “طيور الظلام” عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتصدي لكل من يحاول زعزعة ثقة الأردنيين بوطنهم حتى نشكل هبة كبرى لصد كل من يحاول النيل من وطننا..

وفي الوقت ذاته، ينبغي تفعيل القوانين الناظمة وعدم التهاون مع مروجي الإشاعات، حتى لو جاءت على شكل تلميحات. كما يجب تفعيل دور السفارات الأردنية في الخارج لشرح المواقف الأردنية وتعرية الجهات التي تحاول النيل من الأردن، وتأكيد أن ما يقوم به الأردن تجاه فلسطين ينبع من موقف أخلاقي وقومي، لا من رغبة في تحقيق مكاسب سياسية.

لا يمكن تجاهل أن إسرائيل تنزعج من مواقف الأردن المستمرة والثابتة خلال العامين الأخيرين، وهذا مصدر آخر لهذه الحملات، التي تتلاقى فيها أطراف متعددة: دول، وسائل إعلام، وجهات داخلية مرتبطة بالخارج، تؤدي أدوارًا مرسومة بدقة، في محاولات مكشوفة للتشويش على الدور الأردني وتهميشه.

إن المؤثرين الأردنيين على منصات التواصل الاجتماعي والذي يحظون باحترام الجميع عليهم دور كبير في هذه المواجهة لأنهم قادرون على إيصال الرسالة ربما اكثر من أي جهة والدفاع عن الأردن مهمة كل أردني أمام الهجمات المتكررة عليه من الذين يعملون ضده في الظلام.

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00