العموم نيوز: يحتفل الأردنيون، يوم الأحد، بالذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، وهي مناسبة وطنية مجيدة تتجدد فيها مشاعر الفخر والاعتزاز، وتعلو فيها رايات العزم لمواصلة مسيرة البناء والتقدم التي أطلقها الآباء المؤسسون، وسار على نهجهم أبناء الوطن بعزيمة لا تلين، في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة.
منذ أن أعلن الملك المؤسس عبد الله الأول، طيب الله ثراه، في الخامس والعشرين من أيار عام 1946 استقلال المملكة، انطلقت رحلة وطنية راسخة في بناء دولة المؤسسات وسيادة القانون، ترتكز على مبادئ العدالة والحرية، وتستلهم إرث الثورة العربية الكبرى وقيم النهضة العربية.
ويستذكر الأردنيون في هذا اليوم المجيد، محطات مضيئة من تاريخ وطنهم، وتضحيات الشهداء والرواد الأوائل الذين رسموا طريق الاستقلال، ويعبرون عن اعتزازهم بمنجزات الوطن التي تحققت في مختلف المجالات، رغم التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية.
ومع كل فجر جديد، تتجدد العزيمة نحو المزيد من الإنجاز والازدهار، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، الذي يواصل مسيرة الإصلاح الشامل والتحديث السياسي والاقتصادي والإداري، وفق رؤية واضحة تؤمن بالإنسان الأردني محورًا للتنمية، وهدفًا لها.
لقد شكّل الاستقلال نقطة تحول في تاريخ الأردن، فانطلقت بعده عملية بناء مؤسسات الدولة الحديثة، وتعزيز الوحدة الوطنية، والنهوض بالقدرات الاقتصادية والاجتماعية. وعلى مدار العقود الماضية، استطاع الأردن، بفضل وعي شعبه وقيادته، أن يحافظ على أمنه واستقراره، رغم ما أحاط به من تحديات وأزمات.
وسجلت المملكة إنجازات بارزة في ميادين التعليم والصحة والبنية التحتية، ورسخت مكانتها كدولة تحترم الإنسان وتكرم كرامته، وتعمل على تحقيق التنمية المستدامة، وتسعى لتوفير سبل العيش الكريم لأبنائها، وتكريس قيم العدالة والمساواة وسيادة القانون.
ورغم الأزمات الاقتصادية، وموجات اللجوء، والتقلبات الجيوسياسية في الإقليم، إلا أن الأردن، بقيادة جلالة الملك، استطاع أن يتجاوز التحديات، متسلحًا بإرادة شعبه وخبراته المتراكمة، وبدعم الأشقاء والأصدقاء، محافظًا على ثوابته ومبادئه.
ومنذ تولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية عام 1999، واصل حمل الأمانة التي خلفه بها والده الراحل الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، فعمل على تعزيز مكانة الأردن على الساحة الدولية، وكان صوتاً للحكمة والاعتدال، ومدافعاً قوياً عن القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والقدس الشريف.
لقد شكلت القضية الفلسطينية أولوية مركزية في خطاب جلالته وجهوده الدبلوماسية، دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني، ودعماً لحل عادل وشامل يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، انسجاماً مع الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
وفي ظل هذا الدور المحوري، أصبح الأردن موئلاً لكل من ضاقت به السبل، وواحة أمن واستقرار تحمي كرامة الإنسان، وتستضيف اللاجئين والمحتاجين، وتقدم العون لكل مستجير.
ولم يكن مسار الإصلاح السياسي والإداري غائباً عن المشروع الوطني، فقد شهدت الحياة السياسية والبرلمانية تطوراً ملموساً، واستُحدثت تشريعات تعزز من المشاركة الشعبية، وتدعم التحول الديمقراطي، في ظل توجيهات ملكية تسعى لبناء نموذج متقدم في الحوكمة الرشيدة.
أما القضاء الأردني، فقد تطور ليغدو مثالاً في النزاهة والشفافية وسيادة القانون، فيما حرصت الدولة على تعزيز الحريات، وحماية حقوق الإنسان، وتمكين المرأة والشباب للمشاركة الفاعلة في صناعة القرار الوطني.
وفي الجانب الاقتصادي، يواصل الأردن خطواته نحو بناء اقتصاد وطني حر ومتين، قادر على توليد الفرص، وجذب الاستثمار، وتحقيق التنمية المستدامة. وتبذل الدولة جهودًا كبيرة في محاربة الفقر والبطالة، وتحسين مستوى المعيشة، وتفعيل دور القطاع الخاص، وإقامة شبكات أمان اجتماعي تحمي الفئات الأضعف.
ويحظى الإصلاح الإداري باهتمام متواصل، عبر تحديث بنية الجهاز الحكومي، وتطوير خدماته، والارتقاء بأداء المؤسسات بما يتوافق مع تطلعات المواطنين، ويحقق أهداف التنمية الوطنية.
ويبقى الجيش العربي الأردني والأجهزة الأمنية، السياج الحصين للوطن، ومصدر الفخر والاعتزاز، بما يقدمونه من تضحيات وبطولات في سبيل حماية الأردن، وصون استقلاله، والدفاع عن منجزاته.
إن عيد الاستقلال ليس مجرد ذكرى عابرة، بل هو عهد دائم بالمضي في طريق التقدم، وتجديد للوفاء لوطننا الغالي وقيادتنا الهاشمية، واستمرار لمسيرة بناء راسخة، ينعم فيها الأردن بالأمن، ويتطلع فيها الأردنيون إلى مستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا.
كل عام والأردن بخير، حراً، عزيزاً، مستقلاً، شامخاً بين الأمم.