الدول والتنظيمات تذهب إلى الزوال وتخرج من المعادلات اذا فقدت القدرة على قراءة ما حولها او اذا ذهبت إلى طريق دون وعي معتمدة على رمال متحركة او سراب سياسي.
الاخوان في الاردن كانوا موجودين في الاردن ضمن معادلة مركبة لكن شرطها ان يبقى الاخوان تحت معادلة الدولة ودستورها وقانونها، دون أن يعتقدوا في لحظة انهم دولة داخل الدولة او يذهب بهم الخيال إلى اعتقاد ان الدولة ضعيفة في مواجهتهم، ولهذا وعبر عقود مضت كانوا حتى عندما يذهبون إلى خطأ او سوء تقدير يعودون سريعا إلى حجمهم أمام الدولة، إلى أن أصابهم الغرور نتيجة صناديق الاقتراع او تقلبات الإقليم او ظروف الدولة الاقتصادية او صعود أجزاء من إخوان المنطقة إلى سدة الحكم في بلادهم، وعندها تعثر ميزان العقل والحكمة وتعاظم الشعور بوهم القوة فذهبوا إلى أي مواجهة مع الدولة، قبل الربيع العربي وبعده ولم يتركوا موسم قلق إقليمي الا حاولوا القول انهم الأقوى وأنهم يملكون الشارع، وزاد الغرور نتيجة سيطرة تيار لايعرف من السياسة الا الصراخ والإساءة والاستعراض.
ومنذ اكثر من ثلاثين عاما زاد بؤس الجماعة عندما أصبح محكوما بمصالح وحسابات قيادة حماس في الخارج خاصة أولئك الذين يحملون حقدا على الاردن بعد إخراجهم من الاردن، وكلما زاد التوتر في الضفة او غزة نتيجة الاحتلال كان العمل دؤوبا لتحويل هذا إلى أزمة سياسية وأمنية اردنية.
اساؤوا للدولة ولكل مؤسساتها، تعاملوا بفوقية مع الاردن كلما شعروا بالقوة واخيرا اخذتهم قيادة حماس في الخارج إلى انشاء تنظيم مسلح وصناعة صواريخ، والتبرير دعم غزة وفلسطين مثل كل تجار السياسة، فمن يرمي بغزة في نيران إجرام الاحتلال ويخسر كل شيء هناك ليس مؤتمنا على الاردن وأهله وأمنه.
اليوم دفع الاخوان ثمن تراكم الغرور والاستقواء واكذوبة امتلاك الشارع وتحويل التنظيم إلى أداة بأيدي اشقائهم في تنظيمات اخرى، ولم يخطر على بالهم ان الاردن دولة قادرة لكنها تعطي الفرص، وعندما تنتهي الفرص يكون الحساب، ولو كانوا أصحاب حكمة لعرفوا ان قرار القضاء عام ٢٠٢٠ ليس نكتة بل بوابة لما جرى اليوم وان الهامش السياسي في تطبيق القرار ليس ضعفا بل محاولة لتجنب الأصعب.
الاخوان دفعوا ثمن مسار اداروه دون حكمة ودون قراءة المعادلات وبفهم خاطئ للدولة الاردنية فخرجوا من معادلة الدولة إلى الظل بسرعة ربما لم يتوقعوها… والشقي من لم يتعظ الا بنفسه…