كل الظروف مهيأة أمام نتنياهو وفريقه الوزاري الذي يمثل معه أقصى يمين الإرهاب الإسرائيلي، لتنفيذ ما يخططون له في فلسطين ومحيطها في ظل موقف دولي رخو لا يتعدى الكلام في الهواء الطلق، زنظام عربي متهالك، ففي الوقت الذي يتم الحديث خلاله عن هدنة تؤدي إلى وقف للحرب على غزة، القيادة العسكرية الإسرائيلية بقرار من المستوى السياسي تمضي مسرعة نحو تنفيذ إحتلال غزة بالكامل، وهناك إشارات تفيد بأن نتياهو يبدي عدم موافقته على الإقتراح الذي وافقت عليه حماس ويستمر بالحديث عن عملية تهجير كبرى للسكان وهي في ذات الوقت تلهب جبهات أخرى في المحيط كالجبهة السورية حيث أصبحت تحتل معظم الجنوب السوري ولا تبعد عن دمشق سوى بضع كيلومترات، واحتلالها لمناطق عديدة في الجنوب اللبناني وهي ماضية في فرض شروطها على المنطقة وفوق ذلك كله تتحرش بمصر وتستفزها من خلال تصريحات متعددة يطلقها الساسة الإسرائيليون.
الأهم بالنسبة لنا بحركة إسرائيل في المنطقة استدارتها نحو الضفة الغربية في الفترة الأخيرة بشكل متسارع، وقد أعلنت السيطرة الكاملة على منطقة E1 وإطلاق آلة الاستيطان بها التي تأتي في الظاهر تحت ضغط من الوزير الإرهابي سموتريتش والإرهابي الآخر بن غفير الذي تجاوزت تصرفاته أعلى سقوف الإرهاب والعدائية، ايس أقلها اقتحامه المستمر للمسجد الأقصى وآخر الإشارات الخطرة دخول نتنياهو النادر على هذا المستوي السياسي الإسرائيلي الضفة الغربية حيث إعتبر هذا الدخول إشارة واضحة نحو اعتباره الضفة ضمن أراضي إسرائيل، لكن يبقى الهدف الأساسي من كل هذه التصرفات والإجراءات والإشارات تحت عنوان ما أعلنه نتنياهو قبل أيام بأنه يعتبر نفسه وصيُا على تنفيذ مشروع إسرائيل الكبرى، وما يحدث في الضفة كما جاء على لسان كثير من المحللين الإسرائيليين والغربيين أنه آخر مسمار يدقه نتنياهو بنعش فكرة الدولة الفلسطينية، حيث لا يمكن لإسرائيل أن تتخلى عن الضفة الغربية فهي كما أشرت سابقًا تعتبرها درة تاج الحلم الصهيوني في جعل فلسطين كلها أرض يهودية وقاعدة لمشروع إسرائيل الكبرى، والأرجح أن القيادة الإسرائيلية لن تكتفي بهذه الخطوات فهي تستعد لضم أكبر قدر ممكن من الأرض حتى تصل إلى ضم كل الضفة مسقطة بذلك كل الاتفاقات والمعاهدات التي قال عنها الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون قبل فترة أنها كانت حبر على ورق، وهو كان يدرك ذلك لأنه يعلم جيدًا أن إسرائيل لن توافق يومًا على قيام دولة فلسطينية وأقصى الأمر أنها توافق على إدارة مدنية تابعة لها، وكان هذا أقصى أمر يقدمه اليسار الإسرائيلي ممثلًا برابين وبيريز وباراك، أما اليمين فلم يفكر يومًا بأن يعطي الفلسطينيين أي إطار من السيادة، حتى لو كان رمزيًا لأنه كما يزعم قادته تعتبر ذلك خيانة وتنص على أن أي سيادة للأغيار على أرض إسرائيل تجاوز على معتقداتهم وتوراتهم، وضرب لمشروع وحلم إسرائيل الكبرى في المنطقة وهذا ما حدث فعلًا على الواقع، فمنذ أربعين عامًا، تاريخ انعقاد مؤتمر مدريد “للسلام” فهم على امتداد هذه العقود يتفقون وينقلبون على كل الاتفاقات والمعاهدات باستمرار وهذا وصفهم في القرأن الكريم”أوكلما عاهدوا عهدا نقضه فريق منهم”.
نحن في الأردن يجب أن نكون متنبهين لتطورات الأحداث في الضفة الغربية، لأننا أكثر جهة معنية كما هو الحال مع مصر بخصوص غزة، وربما أخطر، فلم يتوقف الإسرائيلي يومًا عن الحديث عن نيته تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية، وهناك اشارات خطرة بهذا الشأن مثل تصريحات بن غفير قبل شهور أن هناك أكثر من مئة ألف فلسطيني يحملون جوازات أردنية وتساءل ماذا يفعلون في أرض إسرائيل وهذه إشارة للنية المبيتة!! ناهيك عن استمرار الاستيطان نحو الشرق في الفترة الأخيرة، ثم تقطيع أوصال التواصل بين المدن الفلسطينية والتضييق الكبير وعمليات القتل والهدم والاعتقال لأبناء الضفة وهذا مفصل في عملية دفع الناس للبحث عن مخرج حتى ولو كان خارج الأرض الفلسطينية.
كل المؤشرات تقول أن نتنياهو وفريقه بدأوا الاستدارة لفتح ملف الضفة الغربية، والتهجير جزء من المخطط، الأمر الذي اعتبره الأردن إعلان حرب، وأنه سيتعامل مع الأمر بهذا المفهوم، وأنه لن يقف مكتوف اليدين أمام عربدات نتنياهو وفريقه، فكيف سيتعامل نتنياهو مع الموقف الأردني؟
الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، لذلك يجب أن نكون مستعدين لاستخدام كل الأوراق التي بيدنا لصد المشروع الإسرائيلي ولا نعتمد على المساندة الدولية في المقام الأول لأننا نرى منذ عامين في كل ما جرى وما ارتكبته إسرائيل من فظائع كيف تعامل ما يسمى بالمجتمع الدولي مع هذه الجرائم فقد كان هذا التعامل لا يدل أبدا على أي جدية اتجاه لجم الإرهاب الصهيوني اللهم سوى الخطابات الفارغة من أي فعل!!!

