العموم نيوز- يمضي التلفزيون الأردني في مسيرته الممتدة منذ 57 عامًا، ثابتًا على مبادئ الحياد والموضوعية والوضوح، غير آبهٍ بكل من حاول تجاوز هذه الثوابت. وقد وصل عدد متابعيه على منصات التلفزيون كافة إلى 13 مليونًا.
عادت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) إلى أرشيف التلفزيون الأردني في ذكرى انطلاقته في 27 من نيسان عام 1968، وتتبعت مسيرته وجهود الدولة الأردنية في تطوير التلفزيون منذ أن افتتح جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال -طيب الله ثراه- في ذلك الوقت محطته في أم الحيران، مؤكدًا أهمية هذا الصرح الإعلامي كمنارة للحق والهدى وينبوعًا ثَرًّا للفكر والعرفان.
وقال جلالته في كلمة افتتاحه بهذه المناسبة: “يولد التلفزيون الأردني هذه الليلة وبلدنا وأمتنا يعيشان أخطر مرحلة عرفها تاريخها الحديث، وربما تاريخ بني الإنسان على مر القرون”.
وعبّر وزير الاتصال الحكومي الأسبق، فيصل الشبول، لوكالة “بترا”، عن اعتزازه بالدور التاريخي للتلفزيون الأردني في تشكيل وعي الأردنيين الوطني والاجتماعي عبر العقود، وقال: “التلفزيون الأردني، الذي كان تقريبًا الوسيلة الوحيدة للمشاهدة لجيلنا، شكّل جزءًا أساسيًا من وعينا بالقضايا العامة، رغم وصول بث التلفزيون السوري إلى شمال المملكة، والتلفزيون السعودي إلى الجنوب”.
وأكد الشبول، الذي تولى سابقًا منصب مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ورئيس مجلس إدارتها، أهمية التلفزيون الأردني كمرجع رئيسي للفن والإعلام في العالم العربي، مبينًا أن كثيرًا من الفنانين العرب، خاصة من سوريا ولبنان، اعتبروا التلفزيون الأردني بيتهم الأساسي.
وعرض لأبرز محطات التلفزيون الأردني، مبينًا أنه كان من أوائل المحطات التي بدأت البث الفضائي في وقت كانت فيه دول تفرض قيودًا على ذلك، مؤكدًا أن التلفزيون يتبنى التحولات الرقمية، ويستخدم جميع المنصات الحديثة، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال الشبول إن دراسات عديدة أثبتت أن وسائل الإعلام العامة ما تزال من أكثر المصادر موثوقية في تقديم الأخبار، مشددًا على أهمية تنويع المنتج الإعلامي، وداعيًا العاملين في المؤسسة إلى مزيد من العطاء، قائلاً: “الوطن يستحق أكثر، ونريد همة أعلى وإبداعًا أكبر”.
من جانبه، أكد وزير الاتصال الحكومي السابق ومدير عام مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي، الدكتور مهند المبيضين، أن التلفزيون الأردني من أعرق المؤسسات التي قدمت للوطن خبرة تراكمية في صناعة الوعي الأردني والحضور الدائم لتثقيف المجتمع وتنويره عبر الإعلام.
وأشار إلى تبني مؤسسة الإذاعة والتلفزيون لقضايا المواطنين، وإسهامها في رفد القنوات العربية بكوادر وخبرات أردنية مؤهلة، مبينًا أنها، وهي تتقدم اليوم إلى الأمام، تسعى لمواكبة روح التقدم والتكنولوجيا والإعلام المعاصر.
وأعرب عن تمنياته أن تبقى هذه المؤسسة متألقة دائمًا، وتسهم في توسيع مدارك الأردنيين ورفع وعيهم بقضايا وطنهم، ومعالجة الإشكاليات، وتؤشر على الخطأ، وتقديم النماذج الناجحة والإنجازات الوطنية.
وقال مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، إبراهيم البواريد، في هذه المناسبة ” إن هذا اليوم يشكل ذكرى عزيزة علينا، فالتلفزيون منبر للحق والعدل، وعنوان للعروبة والإسلام، ورسالة الدولة الأردنية التي نفتخر بإيصالها إعلاميًا إلى العالم”.
وأكد البواريد أن المؤسسة تركز اليوم على تعزيز الهوية الوطنية عبر برامج تهتم بالمناسبات الوطنية والأغاني والأعمال الدرامية الوطنية، كما أن لديها أكثر من 13 مليون متابع على منصاتها الإلكترونية.
وأوضح أن المؤسسة تسعى لتكون من بين المؤسسات الرائدة في تحقيق التحول الرقمي الكامل، إذ تعمل على مشاريع تطوير الاستوديوهات لتعزيز هذا التحول، مثل تحويل استوديو محمد كمال واستوديو الرياضية إلى نسخ حديثة تدعم التحول الرقمي بكفاءة عالية.
وأشار البواريد إلى أهمية الشراكات مع القطاعات والمؤسسات الحكومية، التي تلعب دورًا فاعلًا في تعزيز الهوية الوطنية الأردنية من خلال تقديم محتوى إعلامي عالي الجودة، مشيرًا إلى أنها ساعدت المؤسسة في مواجهة التحديات المالية التي تواجهها نظرًا لضآلة الموازنات مقارنة بمحطات عالمية أخرى.
كما لفت إلى الشراكات الاستراتيجية التي أقامتها المؤسسة مع صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، ووزارة السياحة والآثار، وجمعية الفنادق الأردنية، واتحاد كرة القدم، ومهرجان جرش، بهدف إنتاج محتوى إعلامي متميز يعزز من ثوابت الدولة الأردنية.
وفيما يتعلق بمتحف مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، أوضح البواريد أن فكرة إنشاء المتحف تهدف إلى الحفاظ على الأجهزة القديمة وتنظيمها في معرض يعرض تاريخ المؤسسة، بدءًا من البث بالأبيض والأسود وصولًا إلى الإعلام الإلكتروني الحديث.
وأضاف أن المتحف أُنشئ بتكاليف منخفضة أقل من عشرة آلاف دينار، ويضم مجموعة واسعة من الأجهزة والمستلزمات التاريخية التي كانت جزءًا من مسيرة الإذاعة والتلفزيون في الأردن، مشيرًا إلى أن المتحف يعرض التاريخ العريق للتلفزيون الأردني، بالإضافة إلى الشراكات المحلية والدولية المؤثرة مع جهات مثل اتحاد إذاعات الدول العربية والأوروبية والآسيوية وشرق البحر المتوسط.
وعرض البواريد لدور مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في تأسيس معظم المحطات العربية، وقال إنه تكاد “لا توجد محطة عربية تخلو من شخص من مؤسستنا”، مشيرًا إلى اتجاه المؤسسة نحو إنشاء أكاديمية تدريب جديدة بالتعاون مع إحدى الجامعات الأردنية.
وبين البواريد أن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون تسهم في دعم الإنتاج الأردني وليس من مسؤولياتها أن تكون شركة إنتاج، مشيرا إلى أن المؤسسة تعمل حاليًا على إنتاج عملين جديدين سيُعلن عنهما قريبًا، بالإضافة إلى خطط لإنتاج عدد من الأعمال الدرامية الجديدة، مجددًا التزام المؤسسة بدعم الفنانين الأردنيين وتقديم أعمال تعكس الهوية الوطنية.
بدورها، قالت أستاذة علم الاجتماع والاتصال والإعلام في الجامعة الأردنية الدكتورة ميساء الرواشدة إن التلفزيون الأردني كان منذ انطلاقته منارةً للإعلام الوطني، وأسهم بشكل كبير في تعزيز الهوية الثقافية الأردنية، ولعب دورًا محوريًا في تطوير الدراما العربية، فقدم أعمالًا أسهمت في إثراء المشهد الثقافي والفني على مستوى الوطن العربي.
وأضافت: “لم يكن التلفزيون الأردني مجرد شاشة تنقل الأخبار والبرامج، بل كان مدرسةً إعلامية خرّجت كفاءات إعلامية عديدة لمعت في مؤسسات إعلامية عربية وعالمية، وكان هذا الصرح الإعلامي رافدًا أساسيًا في بناء الخبرات الإعلامية وتطويرها، مقدماً نموذجًا يحتذى به في المهنية والالتزام”.
مستشار مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون أنس المجالي، أكد أن “الإذاعة والتلفزيون” تعد إحدى المؤسسات الإعلامية الوطنية الرائدة التي يُشار إليها بالبنان، فجذورها راسخة في الأرض، وتواصل تقديم الكثير للوطن وأبنائه التي ساهمت وما زالت تسهم في نقل رسالة الوطن وصورته المشرفة.
ولفت إلى أن هذه المؤسسة الإعلامية تقدم محتوى إعلاميًا منوعًا وآمنًا يناسب جميع أفراد المجتمع، بما تبثه في المجال الإخباري أو البرامجي أو ما يهم الشأن الديني والثقافي والسياحي والطبي، إلى جانب وجود قناة رياضية متخصصة رائدة تقدم برامج ونشرات رياضية متخصصة على مدار اليوم.
وقال مدير البرامج والإنتاج في التلفزيون الأردني مأمون شنيكات، إن التلفزيون الأردني يلعب دورًا محوريًا في نقل صوت الأردن إلى العالم، معززًا الهوية الوطنية ومواكبًا للتطورات الإعلامية.
وأشار إلى أن برامج التلفزيون الأردني تصمم بروح شمولية لتلبّي احتياجات مختلف أفراد الأسرة الأردنية، من الطفل إلى الكبير، ومن المهتم بالسياسة إلى محبي الفن والثقافة.
فيما أكد رئيس قسم الإعداد والتقديم في التلفزيون الأردني، مأمون المساد، بهذه المناسبة أهمية الإسهامات الكبيرة للرعيل الأول في النهوض برسالة الإعلام الأردني، مبينًا أن هذه الجهود وضعت أسسًا لمدرسة معروفة في العالم العربي باسم “المدرسة الأردنية” في الإعلام، والتي تتميز بالانضباط والوسطية
–(بترا)
التلفزيون الأردني.. 57 عامًا من حماية ذائقة المتلقين والدفاع عن ثوابت الوطن
12