لندن كتب: نهاد اسماعيل
وقّع الرئيس الأميركي مؤخرا، أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى إعادة إحياء صناعة بناء السفن الأميركية والحد من نفوذ الصين على صناعة الشحن العالمية، متعهدا بضخ استثمارات ضخمة في هذا القطاع خلال السنوات المقبلة. كما دعا الأمر التنفيذي أيضا إلى إنشاء صندوق للأمن البحري لتمويل البرامج الهادفة إلى تعزيز القدرات البحرية الأميركية. هذا الأمر التنفيذي لم يجذب اهتمام الاعلام العالمي.
ولكن قبل ذلك بايام اصدر ترامب أمرا تنفيذيا آخر يتعلق باعادة توسيع انتاج الفحم واستخدامه كمصدر طاقة لدعم وتعزيز البنية التحتية لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ووقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوائل هذا الشهر مجموعة من الأوامر التنفيذية الرامية إلى إنعاش صناعة تعدين الفحم في الولايات المتحدة.
وجاءت التوجيهات الجديدة خلال لقاء جمع ترامب بعدد من عمال المناجم، حيث أعلن عن رفع القيود التنظيمية التي كانت مفروضة على عمليات استخراج الفحم، إضافة إلى تعليق الخطط التي كانت تقضي بإغلاق عدد من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم.
وتناقلت وسائل الاعلام تأكيد ترامب في تصريحاته أن الحكومة الفيدرالية “لن تتسامح بعد الآن مع التحيز ضد الفحم”،مشيراً إلى أنه أصدر تعليمات مباشرة لوزارة العدل للتصدي لأي إجراءات تصدر عن حكومات الولايات أو السلطات المحلية يمكن أن تهدد وظائف العاملين في هذا القطاع الحيوي.
وأشار أيضاً إلى أن هذه الخطوة ستفتح المجال أمام استخراج كميات ضخمة من المعادن النادرة والأساسية التي تدخل في الصناعات التكنولوجية المتقدمة، وكل ذلك ضمن عمليات تعدين الفحم التي سيتم توسيعها.
وتأتي هذه الأوامر ضمن سلسلة من الإجراءات التي تتخذها إدارة ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض، إذ سبق أن ألغت الشهر الماضي العديد من السياسات البيئية التي أقرتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، من بينها قانون كان يشترط على محطات الفحم تقليل الانبعاثات الكربونية بشكل كامل أو التوقف عن العمل، وهو ما شكل عنصراً أساسياً في برنامج بايدن المناخي.
المصاعب والتحديات:
أوامر ترامب التنفيذية تهدف لانقاذ مصدر طاقة غير نظيف وغير رخيص مقارنة بالغاز الطبيعي والطاقة المتجددة. اعادة احياء وتوسيع انتاج الفحم لتزويد الطاقة التي تحتاجها مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي يواجه تحديات ضخمة. ستقوم الادارة الاميركية بالغاء كل الانظمة والاجراءات المتعلقة بحماية المناخ والبيئة وتسعى الحكومة لتوفير اراضي فيدرالية وتوفير قروض لتمويل عمليات التنقيب والاستخراج وكذلك بنية تحتية لدعم مراكز البيانات.
الذكاء الاصطناعي الان جزء مكمل للحياة والامن الوطني والصناعي والتعامل الاليكتروني وهذا بدوره يستدعي استهلاك كبير للطاقة. يقدر الاستهلاك لخدمة المراكز 9.1% من اجمالي الطاقة في الولايات المتحدة بحلول 2030. وحسب دراسات متخصصة سيرتفع استهلاك الطاقة 15% خلال الخمس سنوات المقبلة. التحديات الاخرى تشمل ارتفاع تكلفة التنجيم والتعدين وتقلص الانتاج حيث تراجع الانتاج عام 2023 الى مستويات ما قبل 2008 وتم اغلاق اكثر من 100محطة تعمل بالفحم خلال فترة ترامب الاولى. تشير دراسات عام 2022 ان 72% من محطات الفحم اعلى تكلفة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية. ربما ان الفحم يعتبر مصدر طاقة تقليدي موثوق الا انه الاشد تلوثا وايذاء للبيئة والمناخ. ويعتبر الخبراء ان اعادة احياء وتوسيع انتاج الفحم هي خطوة كبيرة للوراء.