كشف المستشار أحمد النمس المحامي المعروف بالقضايا العامة والحقوقية عن أسباب تحركات الداخلية المصرية مؤخرا ضد عدد من منشئي المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح أن التحركات المكثفة من الأمن المصري ليست استهدافًا لحرية التعبير، كما يروج البعض، وإنما تُعد تطبيقا صارما لسيادة القانون، وضرورة وقائية لحماية المجتمع من موجة انفلات قيمي تهدد الشباب والأجيال القادمة.
وقال النمس، إن “حرية التعبير حق أصيل كفله الدستور المصري، والقانون، والشريعة الإسلامية، لكنه ليس حقًا مطلقًا، بل هو حق مقيد بعدم المساس بالثوابت الوطنية، أو الاعتداء على القيم العامة، أو التعدي على حقوق الأفراد والمجتمع”.
وأضاف: “الحرية في جوهرها نعمة، لكنها تتحول إلى نقمة إذا استُخدمت لنشر الفسق والفجور، أو خدش الحياء العام، أو الترويج لمحتوى مخل بالآداب. وفي هذه الحالة، يصبح التدخل القانوني ليس خيارًا، بل واجبًا شرعيًا وقانونيًا لحماية النسيج المجتمعي”.
وأشار إلى أن مصر تمتلك ترسانة تشريعية متكاملة تُمكّن الدولة من مواجهة المحتوى الهادم، تشمل:
- قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، الذي يجرّم بث محتوى يخل بالآداب العامة.
- نصوص قانون العقوبات التي تعاقب على الأفعال المنافية للآداب والمساس بالأمن العام.
- الضمانات الدستورية التي ترسم حدودًا فاصلة بين الرأي المشروع من جهة، والجريمة المقنعة في ثوب حرية التعبير من جهة أخرى.
وأكد النمس أن العقوبات التي ينص عليها القانون “ليست انتقامًا من الأشخاص، بل وسيلة رادعة تهدف إلى حماية المجتمع، خاصة أن المحتوى المنشور عبر الإنترنت يصل في ثوانٍ إلى ملايين من الشباب، ويترك أثرًا عميقًا يصعب محوه لاحقًا”.
وفي رده على الأصوات التي تدافع عن البلوغرز المقبوض عليهم، قال النمس إن “الدفاع الأعمى الذي يبرر المخالفة تحت شعار الحرية، يُسيء للحرية نفسها”. وأضاف: “الدفاع الحقيقي هو المطالبة بمحاكمة عادلة وفق الأصول القانونية، وليس تبرير الأفعال المخالفة أو شرعنتها”.
وأوضح أن “من يرفع شعار الحرية لتمكين نشر الرذيلة، لا يسيء فقط إلى المجتمع، بل يُهدم قيم الدين، ويشكّك في أسس الدولة القانونية، ويفتح الباب أمام الفوضى باسم الحرية”.
وشدد المحامي المعروف على أن الشريعة الإسلامية تؤكد أن “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”، موضحًا أن “صون الأخلاق العامة، وحماية الأسرة، ووقاية الشباب من الانحراف، واجب ديني قبل أن يكون التزامًا قانونيًا”.
وأضاف: “المجتمع الذي يتهاون في ثوابته، يفقد بوصلته، ولا يمكن أن يبني مستقبلًا آمنًا. وما من أمة تهاونت في قيمها إلا وانحدرت”.
واختتم النمس حديثه بالتأكيد على أن “المنصات الرقمية سلاح ذو حدين؛ فهي إما أن تكون منابر للتنوير وبناء الوعي، أو أدوات لهدم القيم وإشاعة الفوضى”.
وأكد أن “الشهرة لا تعني الحصانة، والحرية لا تعني الفوضى، والمسؤولية هي الوجه الآخر لأي حق”. وقال: “الكلمة أمانة، ومن خان هذه الأمانة، حمل وزرها أمام القانون، وأمام الله، وأمام المجتمع”.
المصدر: RT