العموم نيوز:
كتب:محمد الطورة – أبو مهند
وهكذا تستمر مسيرة الأعلام في الوطن العربي وفي الأردن بشكل خاص بعد أن أصدر الوالي داوود باشا أول جريدة عربية في بغداد اسمها جورنال عراق، باللغتين العربية والتركية وذلك عام 1816م ،وبالرغم من ذلك فأنه ليس من السهل أن يصل المرء إلى بلاط صاحبة الجلالة (الصحافة)، إلا إذا كان من أصحاب الحظ الوفير، لكن هذا الحظ لن يكون ذو قيمة كبيرة دون أن يصاحبه جهدٌ وعملٌ دؤوب وطموح كبير. فالعمل الجاد والتخطيط السليم هما من يصنعان حظ الصحفي وتميزه، وإذا أتاحت الظروف لأي شخص الانضمام إلى هذا المجال حتى من باب الأستثمار ، فإن المقام في بلاط الصحافة لن يدوم طويلاً إذا لم يكن الشخص على قدر التحدي.
في الأردن، شهدنا العديد من التجارب الصحفية التي حاول أصحابها اقتحام هذا المجال، ولكن معظم هذه التجارب لم تدم طويلاً بسبب ظروف وأسباب مختلفة. ومع ذلك، فإن هناك قامات صحفية كبيرة أثرت الساحة الإعلامية بقوة، واستطاعت، بفضل امتلاكها لمهارات فطرية وإمكانات مهنية، أن تحجز لنفسها مكاناً بارزاً في الصحافة الأردنية والعربية. حيث كانت تلعب هذه الشخصيات دوراً محورياً في تقديم الأحداث والتطورات السياسية والإعلامية، كما أثبتت قدرتها على الصمود والتجدد، حتى عندما ظن البعض أن هؤلاء سيغيبون عن الساحة.
في الماضي، كانت الصحف تعتمد على صحفيين مختلفين في أساليبهم واختيارهم للأخبار، مما جعل الصفحات الأولى متنوعة وغير متشابهة. أما الآن أصبحت الأخبار تعتمد بشكل رئيسي على وكالات الأنباء، كما أن الصحف لم تكن تحتوي على مصورين صحفيين بشكل دائم، بل كانت الصور تأتي من الجهات الرسمية أو من مصورين خارجيين يلتقطون الصور في المناسبات ليبيعوا تلك الصور للصحف. وعلى الرغم من تواضع الإمكانيات قديماً إلا أن ذلك لم يؤثر على المصداقية والاجتهاد في رضا القارئ
لا يمكنني أن أقدم عرضاً شاملاً لجميع جوانب العمل الصحفي، فهذا مجرد استرجاع لما رأيته وسمعته في تلك الفترة. ففي الأيام التي بدأت فيها بقراءة الصحف، كانت هناك صحف يومية تركز على نشر الأخبار بشكل أساسي، في وقت كانت الصحف السابقة تبيع نفسها بفضل المقالات الافتتاحية التي كان معظمها يعكس اتجاهات سياسية وأيديولوجية.
في الأردن كانت الصحف اليومية مثل “الرأي” و”الدستور” و”صوت الشعب” هي الأكثر شهرة في تلك الفترة، ومع بداية الثمانينات صدرت بعض الصحف الأسبوعية. حيث أن هذه الصحف كانت تساهم في نقل الأخبار المحلية والعالمية، فضلاً عن العديد من الصحف الحزبية التي استمرت لفترة قبل أن تتوقف لعدة أسباب. كما شهدت تلك الفترة صدور صحف يومية أخرى مثل “العرب اليوم” و”الغد” و”السبيل”، وغيرها من الصحف، التي لم تسعفني الذاكرة لاسترجاعها، ولكنها ساهمت في إضافة التنوع إلى المشهد الصحفي الأردني.
في تلك الفترة، كان الصحفيون يعتمدون على الكتابة اليدوية لجمع الأخبار وتنسيق الصفحات، حيث لم تكن هناك تقنيات حديثة، أو وجود مصممين محترفين كما هو الحال اليوم. وكانت وسائل الاتصال الإعلامي تقتصر على الهاتف والراديو (المذياع)، حيث كان الصحفيون يعتمدون على هاتين الوسيلتين للحصول على الأخبار المحلية والعالمية. وكان الراديو المصدر الوحيد للأخبار الدولية، ولذا كان الصحفيون يعتمدون على الكتابة اليدوية السريعة لتسجيل الأخبار التي تبث عبر الراديو. ولنا أن نتصور كمية الأخطاء التي تحدث بسبب عدم قدرة المحرر على المجاراة السريعة لِما ينقله المذيع، أو المشاكل التي تواجه البث بسبب التشويش أو ضعف إشارة الراديو.
شهدت الصحافة في تلك الأيام ظهور العديد من الكفاءات الصحفية التي لا تسعفني الذاكرة بأسمائهم والتي أثرت الساحة الإعلامية بشكل كبير.والتي ستبقى أسمائهم محفورة في ذاكرة الجميع.
صحيح أنني لم أمارس الصحافة بأي شكل من الأشكال، لكنني كنت متابعاً للأخبار والمقالات منذ الصِغَر، فكان شغفي بالصحافة والإعلام واضحاً منذ سنوات دراستي الأولى. كنت أتابع الأخبار عبر المذياع وأقرأ الكثير من المجلات التي كانت تصدر في تلك الأيام مثل مجلة العربي الكويتية والأفق الجديد وغيرها من المجلات الثقافية والأجتماعية والفنية.
وبعد أن أحلتُ نفسي على التقاعد من الوظيفة العامة بعد خدمة أستمرت لأكثر من أربعة عقود ، قررت الدخول إلى مجال الإعلام من خلال تأسيس موقع “العموم نيوز”، في محاولة متواضعة للإسهام في إثراء الساحة الإعلامية الأردنية والعربية وتقديم محتوى ثقافي وصحفي مميز يفيد القاريء. وبذلك،بدأت أحقق حلمي الذي راودني طويلاً.
أسأل الله التوفيق والنجاح