كان هذا قبل نحو ربع قرن، حين دعتني الخارجية الأميركية مع خمسة عشر شخصاً من أنحاء العالم، وفي اليوم الأول في واشنطن كانت هناك حقيبة تضمّ البرنامج الذي كان سيستغرق أقلّ من شهر بقليل.
كان من محتويات الحقيبة طاقية شمسية، وعلى واجهتها العلم الأميركي، ودفعني الفضول إلى معرفة “الماركة” التي صنعت الطاقية لتكون أمامي مفاجأة، حيث قرأت: صنع في الصين!..
في أوّل اجتماع للمجموعة الدولية تحدّثتُ معرّفاً بنفسي، كما غيري، ثمّ أنهيت بقولي: هناك مفارقة غريبة فالعلم الأميركي على الطاقية صُنع في الصين!..
فوجئ المرافق وظنّ أنني أمزح، ولكنّني فتحت الحقيبة، وأخرجت الطاقية، وبعثتها له، فلم يستطع الانكار، وساد القاعة ضحك من المجموعة، بعد أن فتح الجميع حقائبهم وأخرجوا الطواقي، وتأكدوا من قولي!.
“صُنع في الصين” مسألة تكرّرت كثيراً معي، ضمن البضائع الأميركية، ولأنّني زبون دائم مع آبل، منذ كانت مجرّد منافس هشّ لمايكروسوفت وآي بي ام، فتحت الآي فون الذي كان الأوّل من الآيفونات، وكان مشفراً، فلاحظت أنّ تجميعه كان في الصين، وهذا ما ظلّ يتكرر مع كلّ أجهزة آبل، ضمن مقتنياتي على مدار السنوات!.
تذكّرت هذا كلّّه، وغيره أيضاً، وأنا أستمع إلى دونالد ترامب يتراجع ببطء عن حربه مع الصين، فحتى العلم الأميركي كان يُصنع في الصين، وللحديث بقية!..