في تقرير هيئة النزاهة ومكافحة الفساد لسنة 2024، بلغت قيمة المبالغ التي استردتها الهيئة أو ساهمت في استردادها أو منعت هدرها من المال العام حوالي 61 مليون دينار، وتم ضبط شبهات تهرب ضريبي تقدّر بنحو 110 ملايين دينار و نظرت الهيئة بما يزيد عن ألفي ملف تحقيقي، وأحالت 197 ملفا منها إلى الادعاء العام،
الهيئة تعاملت مع 1167 ملفًا تحقيقيًا خلال 2024 إضافة إلى 840 ملفًا مدورًا من سنوات سابقة حيث تمّ فصل 1280 ملفًا منها فيما أُحيل 194 ملفًا إلى المدعي العام وحفظ 750 ملفًا والباقي قيد الاجراء..
في التقارير تبدو الأخطاء الإدارية وحتى عدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب وهو شكل
من أشكال الفساد لأنه يعادل هدرا ماليا وفيه تفويت الفرص
ليس هذا فحسب بل ان عرقلة وتعطيل مشاريع لأسباب مبتكرة يقع في باب الفساد .
الفساد الصغير واظنه الاكثر خطرا وهو ما تركز هيئة النزاهة جهدها .
الفساد الصغير فالأصغر هو الأخطر لأنه في جسد البلد مثل لوكيميا الدم, لا يمكن القضاء عليه بمجرد غسيل الدم ولا تستطيع أي حكومة ولا أي هيئة لمكافحة الفساد اجتثاثه وهو لا يحنث إلا بتقويم السلوك وبرفضه وتغليظ عقوبة من يرتكبه ..
الاتمتة والخدمات الإلكترونية وسيلة مهمة لمحاصرة الفساد الإداري كما أن خطة تطوير وإصلاح القطاع العام ضرورية لذات الأهداف فعندما يتم التعامل الكترونياً مع المعاملات مهما كان شكلها ونوعها فان نسبة الخطأ الإداري تصبح محدودة كما أن التدخل البشري بشقيه حسن النوايا او سيئها لا مكان له.
الازدحام الذي يعيق الحركة في كثرة لجان الرقابة والتفتيش كفيلة بخلق فجوات يتسلل منها الفساد الصغير.
أسوأ أنواع الفساد هو الفساد التحريضي، بمعنى أن يضغط صاحب نفوذ للتضييق على منافسين أو يدفع صاحب مصلحة رشوة لموظف ليس الغرض منها تسليك معاملة بل إحداث ضرر بمصلحة أخرى تخص منافساً له.
المشكلة فيمن يطبق القانون وفيمن يجيره لخدمة مصلحة ويغير مساره على هواه لكن ربما سيحتاج الأمر الى بنود قانونية توفر للمستثمرين صغارا وكبارا الحماية ليس فقط من مثل هذه الممارسات بل حماية المستثمرين من تفوق منافسيهم أو مبتزيهم الذين طوعوا هذه القوانين عبر موظفين لعبوا هذه الأدوار ببراعة..
الهيئة بدأت مبكرا التركيز على الفساد الصغير او هكذا أظن وهو بظني اكبر الأخطار التي تواجهها الإدارة العامة في سمعتها ونزاهتها.