64
العموم نيوز:
يحيى الحموري.
وسلامٌ على الوطن، سلامٌ يليقُ بمقام الأرض وكرامة السماء.
في تاريخ الأوطان لحظاتٌ فاصلة، تتجلى فيها الكلماتُ كالشمس المشرقة، وتسمو فيها الحروفُ إلى مقام الحقيقة والعدل. وفي صدر كل رجلٍ وامرأةٍ، على هذه الأرض الطيبة، هناك همساتُ حبٍّ للوطن، وهناك صرخاتُ حقٍّ يتيمةٌ تنتظر أن تسمعها أذنٌ عادلةٌ وقلبٌ رحيم.
اليوم، تقف الكلمات على مشارف التاريخ، وتتهيأ لكتابة صفحةٍ جديدة، صفحة لا تُقرأ بالأبصار فقط، بل تُنقش في ضمير الأمة ووجدانها. نحن أمام حقبة لا تحتمل المواربة أو الصمت؛ حقبةٌ تستدعي أن تُقال الحقائق بلغة الصدق والجسارة، وأن تُزرع بذور الإصلاح على أرضٍ طالما ارتوت بتعب الرجال وعرق الأجداد.
منذ الأزل، والأردن أرضٌ لا تقبل الانكسار. من سهوله إلى جباله، من قراه إلى مدنه، من نخوته إلى إنسانيته، رسم الأردنيون لوحةً أبديةً من الوفاء. لكنّ الأوطان لا تزدهر بالتاريخ وحده، ولا تبقى عظيمةً بالماضي فقط؛ بل تحتاج إلى العزم الذي يقتلع الشوك، والوعي الذي يضيء الطريق، والشجاعة التي تقول “لا” حين تكون “لا” هي الكرامة بعينها.
أيها الأردنيون المثقفون… ياأصحاب الفصاحة والبيان وميزانُ العقل والضمير:
أنتم ملح الأرض وعصبها، أنتم الرُكنُ الذي إذا اهتزّ ارتجّت الأرجاء، وإذا صرخ ارتدَّ الصدى في أقاصي الكون. لذلك، أكتب إليكم بلغةٍ لا تعرف الحياد، بلغةٍ تفتحُ بوابات الإدراك وتجعل من الكلمة “حدَّ السيف” ومن المعنى “ثورةً على الجمود”
يا أبناء الأردن جميعاً، إننا أمام لحظة تستدعي منا أن نتحد، أن نُعلي صوت الحكمة قبل صوت الغضب، أن نفتح الأفق للكلمة الصادقة، لا للهمسات الخافتة التي تتلاشى مع الرياح. اليوم، لن نكتب رسالة اعتيادية، بل سنسطر ملحمةً هي عهدٌ بيننا وبين الوطن، بين الحاكم والمحكوم، بين القلب والضمير. رسالة لا تحتمل التورية ولا الاستعارات المبتذلة؛
نحن أبناء أرضٍ كانت ولا تزال ،حضناً للحرية، وأيقونةً للصبر والصمود. وحين يكتب الأردني رسالته، فإنه يكتب بمداد الشرف والكرامة.
إننا نكتب لنضع بين يديّ جلالة الملك حروفاً من نور، حروفاً لا تطلب مجداً ولا تبحث عن شهرة، بل تسعى إلى حقٍّ غائب، وإلى عدالة تنتظر أن تُنصف المظلوم، وإلى بناءٍ يليقُ بأردنٍّ حملناه في قلوبنا جيلاً بعد جيل.
فانتظروا… انتظروا الرسالة التي ستُدوّن بمداد التاريخ، رسالةً لا تشبه غيرها، بل تكون جرساً يقرع الضمائر، ومرآةً تعكس وجوه الصادقين، وخارطةَ طريقٍ نحو أردنٍّ أعظم وأبهى.
إنها رسالةٌ ليست لنا وحدنا، بل للأردنّ كلّه… وإنه لنبضُ القلب يُترجمُ في كلمات.