“يومٌ عظيم للشرق الأوسط”.. بهذهِ الكلمات وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب قمّة السّلام من أجل غزّة في شرم الشيخ.
كما وصف ترامب الوثيقة الخاصّة باتفاق وقف الحرب في غزّة بأنّها شاملة، وتحتوي على جميع القواعد واللوائح الخاصّة بتطبيق الاتفاق.
فما هي تفاصيل هذهِ الوثيقة؟ وما ضمانات تطبيقها؟ وماذا عن مسار تطبيق الاتفاق على الأرض؟ وأبرز التحديات؟
الاثنين الماضي كان يومٌ كبير للمنطقة.
السّلام لم يعد أملًا.. السّلام بات حقيقةً.. هكذا قالها ترامب وكأنّه ذاهب في مخطط واضح للمنطقة، فماذا الذي ينتظرنا اليوم؟.
وكان على ما يبدو بأنّ لدى ترامب طريقته في الحديث أمام قادة ورؤساء وزعماء الدول المشاركين في القمّة.
يبدو بأنّ المنطقة تتجه نحو إحلال السّلام إن كان على المدى القصير أو الطويل.
اللافت في القمّة غياب حركة حماس، وهو ما يشير إلى أنّ الحركة وغيرها من تيارات أو جماعات ظهرت كدويلات في المنطقة خلال العقود الماضية وأصبحت تبتعد عن المشهد، لتصبح الدول هي المحرك على طاولة المشهد السياسي بعيدًا عن الدويلات، وهذا من الإنجازات التي تحققت ما بعد غزّة.
ومما يمكن ملاحظته في هذهِ القمّة غياب قيادات الصف الأول لعدد من الدول وشخصيات أخرى، وهو ما يثير تساؤلات كبيرة حوّل عدم اكتمال النصاب القيادي على مستوى الصف الأول.
الدول التي شاركت في القمّة هي الدول المعنية في القضيّة الفلسطينيّة بشكلٍ مباشر والدول الضامنة، وهي الدول التي جلست ووقعت على اتفاق مرحلي، ينفذ في مرحلته الأولى، حيث تثار تساؤلات وكثير من الشكوك حول مدى إمكانية تنفيذ المراحل الثانية والثالثة من الاتفاق المتعلق بوقف إطلاق النار، ودخول المساعدات الإنسانيّة للقطاع، ووقف مشروع التهجير وحتى لو كان بشكلٍ مؤقت .
الاتفاق كان يتضمن المبادئ العامة تفتقر إلى آليات واضحة والسقف الزمني، وخطوط الإنسحاب ضمن جدول زمني وآليات التنفيذ؛ وهو ما يعود إلى إسرائيل التي ترفض تدويل الاتفاق وأن يأخذ الصفة الدوليّة، من خلال حضور الأمم المتحدة، وهو أمر يعود إلى رفضها لوجود أي التزامات ضمن سقف زمني وجدول محدد، فهي تسعى إلى وجود منطقة أمنيّة عازلة تمنحها الحق للقيام بالتدخل، والقيام بأي عمليات عسكريّة في أي وقت تريد سواء كان بحرًا أو برًا أو جوًا، أو بعمليات نوعية. يضاف إلى ذلك عدم رغبتها بوجود سلطة فلسطينيّة داخل القطاع المنكوب سواء كان حماس أو السلّطة الوطنيّة الفلسطينيّة أو غير ذلك.
الرئيس ترامب تعامل مع الاتفاق بطريقة الصفقات دون أن يدرك العمق السياسي أو الفهم التاريخي لمنطقة الشرق الأوسط؛ فهو يفكر بكيفية تسجيل أهداف في رصيده الشخصي دون النظر إلى طبيعة هذهِ الأهداف.
نجح ترامب في رسم صورة له أظهرت بأنّ العالم خلف الرئيس ترامب، وهي صورة لها وقعها في العالم بأسره، وإن كانت تختلف عن الصورة التي ظهرت في مؤتمر مدريد للسلام وهي صورة لقيادات الصف الأول التي كانت حاضرة له في ذلك الوقت.
الرئيس ترامب بعد قمّة شرم الشيخ شعر بأهمية الإنجازات التي يحققها، لا سيما وأنّه نظر إلى القمّة باعتبارها ذات صفة عالمية، وهو الأمر الذي منحه الشعور بالإنجاز.
كما أنّ غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن القمّة بعد الجدل الذي كان قد دار حول مشاركته من عدمها، وهو ما يشير إلى أن غيابه يعني غياب الرؤية عن هذهِ القمّة وهل ستؤدي فعلًا إلى السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
كما أن غيابه يعكس حالة خوفه وتردده عن الحضور، وهو ربما عاش حالة من الارتباك؛ والخوف من الموقف العربي وتحديدًا الموقف المصري الذي لا يحتمل وجوده.
كما أنّ ترامب قال أمام المشاركين في القمّة بأنّه سيمنع الحروب في العالم خلال المرحلة المقبلة. كما أنّه أعطى الضوء الأخضر لحركة حماس للاستمرار في الفترة الانتقالية وإدارة قطاع غزّة لفترة قصيرة؛ وهو ما يثير تساؤلات حول مصير حماس التي أقدمت على تنفيذ إعدامات في القطاع وبسط نفوذها الأمني خلال الأيام الماضية، وهو ما يثير تخوفات من نشوب حرب أهلية.
المفاوضات التي استبقت الإعلان عن الاتفاق كانت من خلال وفد قطري وتركي يفاوضان بالنيابة عن حركة حماس التي لديها علاقة وثيقة معهم، فكان بعض الحوافز التي قبلت بها إسرائيل، وقبل فيها الرئيس ترامب من أجل تسهيل التوصل إلى اتفاق.
الوضع القائم حاليًا هو انسحاب إسرائيل وخروج حماس من تحت الأرض إلى فوقها، وهو ما دفع ترامب لتفسيره بأنّ وجود حماس في القطاع هو أمر مؤقت.
الحرب إنتهت وعلى نتنياهو أن يكون أكثر لطفًا؛ هي رسالة مباشرة قالها الرئيس ترامب من الكنيست الإسرائيلي، الأمر الذي يثير تساؤلات حول وقع خطاب ترامب على الشارع الإسرائيلي، وهل سيتغير المشهد في داخل مدينة تل ابيب التي اعتادت على سماع خطاب اليمين الإسرائيلي المتطرف دون غيره؟.