Home قضايا وآراءبين بحر عمان وبحر قزوين العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة

بين بحر عمان وبحر قزوين العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة

سيف بن خلفان الكندي / اعلامي

by M T
48 views
A+A-
Reset

أربعون عاما من العلاقات العمانية-الروسية تتوج هذه الأيام بزيارة “دولة” لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه الى روسيا الاتحادية تمهد لمرحلة أكثر تقدما من العلاقات الاقتصادية بين البلدين الصديقين وسط حفاوة من الاستقبال من الجانب الروسي لجلالته حفظه الله ورعاه منذ وصوله والوفد المرافق له الى مطار فنوكوفر٢ الحكومي بالعاصمة الروسية موسكو.
الزيارة التي شهدت جلسة المباحثات التي عقدها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه وفخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية في قصر الكرملين بالعاصمة موسكو، تم التأكيد خلالها على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين خاصة في مجالات التجارة البينية والزراعة والنقل ومختلف مجالات الطاقة فكانت ثمار تلك الزيارة توقيع العديد من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم بين البلدين تضمّنت المجالات، اتفاقيّة الإعفاء المتبادل من التأشيرات، وبروتوكول التّعاون الاقتصادي والفنّي ومشروع إنشاء لجنة اقتصاديّة مشتركة، ومذكّرات تفاهم حول مسائل تغيّر المناخ والتنمية منخفضة الكربون، وأخرى في مجال النّقل والعبور، والتّعاون في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتّعاون في المجال السّمكي، وفي المجال الإعلامي والإخباري وتبادل المعلومات، والتعاون بين الأكاديميّة الدبلوماسيّة في سلطنة عُمان والأكاديميّة الدبلوماسيّة الروسيّة، وبين غُرفة تجارة وصناعة عُمان ومؤسّسة روسكونغرس الروسيّة، وبين الأكاديميّة السُّلطانيّة للإدارة والأكاديميّة الرئاسيّة الروسيّة للاقتصاد الوطني والإدارة العامّة.
ان توقيع تلك الاتفاقيات سوف يفتح آفاقا واعدة وتمهد لاستكشاف مسارات جديدة للتعاون فتشمل مجالات عدة منها تعزيز الجوانب الاقتصاديّة والتجاريّة والثقافيّة والسياحيّة والدبلوماسية وستكون نقطة انطلاقة لتعزيز ذلك التعاون بين سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية، ودعما للتجارة البينية وزيادة حجم الصادرات والواردات بين البلدين.
وفي الوقت الحالي تلقى المنتجات العُمانية اقبالا كبيرا من رجال الاعمال الروس فتوسعت دائرة الاستيراد الى تلك الأسواق لتشمل العديد من الصناعات والمواد الخام منها النفطية وغير النفطية والصناعات المعدنية، ومنتجات النيتروجين، والفوسفور، والبوتاسيوم. إضافة الى التّمور العمانية والأسماك والألمنيوم والعطور وأحجار البناء.
وفي المقابل تتسع السوق العمانية الى الصادرات الروسية ذات الجودة والموثوقية فتجد لها رواجا جيدا فعلى سبيل المثال تقوم الشركات في موسكو بتصدير العديد من المنتجات للسوق العمانية مثل الإلكترونيات الراديوية ومعدات معالجة المعادن، بالإضافة إلى أجهزة توزيع الكهرباء ذات الجهد المنخفض. كما تشهد السوق العمانية طلبا على مواد البناء والحديد الصلب ففي مجال الحديد والصلب بلغت صادرات مواد البناء الروسية الى الأسواق العمانية 180 مليون دولار عام 2024. إضافة الى تصدير الأدوية والكواشف التشخيصية وبعض المستحضرات الطبية المصنوعة في روسيا الاتحادية فعلى سبيل المثال زادت الشركات الروسية صادراتها الطبية إلى سلطنة عُمان بنسبة 35% خلال العام 2024.

ونتيجة لذلك الزخم من الاستيراد والتصدير فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والاتحاد الروسي نحو 133 مليونًا و108 آلاف ريال عُماني أي ما يعادل أكثر من 346 مليون دولار أمريكي وذلك حتى نهاية العام المنصرم 2024م ويعول على نتائج هذه الزيارة الكريمة أن تزيد من حجم التبادل التجاري بين البلدين ويتوقع بعض المراقبين أن يزيد حجم التبادل التجاري ليصل الى 500 مليون دولار لتعزيز الشراكة بين البلدين الصديقين.
أما في الجانب السياحي فسوف يتم في هذه الزيارة تعزيز التعاون السياحي بين مسقط وموسكو، حيث سيتم خلالها التوقيع على اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرات للجوازات العادية لمواطني البلدين وهذا بدوره سينعش القطاع السياحي وسوف يستقطب الالاف من السواح الروس لسلطنة عمان بهدف الاستمتاع بالسياحة التاريخية والبحرية والتعرف على الحياة الاجتماعية ومظاهر الطبيعة الخلابة في محتلف المحافظات. وتشير الأرقام الرسمية لعام 2024 الى الزيادة المضطردة في عدد السواح بين البلدين حيث زاد عددهم بنسبة تصل الي 70% مقارنة بعام 2023م، فبلغ عدد السياح الروس إلى سلطنة عُمان حوالي 44 ألف سائح. فيما ارتفع عدد الزوار العُمانيين إلى روسيا في عام 2024م من 3 الاف الى 11 ألف زائر وهذه إضافة جيدة لقطاع السياحة في البلدين ويتوقع لهذه الأرقام أن تتضاعف عقب هذه الزيارة المثمرة. ومن أجل ذلك يمكن تغرير ذلك القطاع بين البلدين عبر ما يعرف بالسياحة العلاجية وتوقيع اتفاقيات مشتركة بين المستشفيات العُمانية ومكاتب السفر والسياحة في سلطنة عمان مع أحدث المراكز الطبية الروسية المتخصصة في العلاج بالمنتجات البحرية التي تنتشر في عدد من مدن روسيا الاتحادية. ومن الأفكار الجيدة كذلك التركيز على ما بات يعرف حديثا بالسياحة الفضائية واستغلال خبرة روسيا في السياحة الفضائية لإنشاء برامج تدريبية في ولاية الدقم، التي تتمتع بسماء صافية مناسبة للمراقبة الفلكية ولتنفيذ مثل تلك البرامج العلمية.
ولا نغفل أهمية تعزيز الجانب الثقافي بين البلدين الذي تطور خلال الربع الأول من هذا العام حيث شهد حراكا ثقافيا وفنيا خاصة عقب افتتاح قسم من المتحف الروسي الشهير«الإرميتاج» الحكومي في المتحف الوطني العُماني. كما شهدت نفس الفترة تقديم عدة فرق فنية من روسيا الاتحاديةعروضًا ثقافية روسية متنوعة احتضنها دار الأوبرا السلطانية بمسقط. كما يمكن تعزيز ذلك الجانب بين البلدين خاصة في مجالات التعليم الرقمي عبر إطلاق منصات تعليمية وثقافية مشتركة بين البلدين باللغتين العربية والروسية، مع تخصيص منح دراسية في مجالات الذكاء الاصطناعي. كما يمكن مستقبلا التركيز على مشاريع “الذكاء الاصطناعي عبر تدشين مركز أبحاث في مسقط بالشراكة مع الشركات الروسية، لتطوير حلول رقمية في القطاعين الحكومي والخاص.

إضافة الى ذلك سيساهم التعاون مع رجال الاعمال العمانيين والروس في توفير فرص استثمارية مشتركة واعدة في سلطنة عمان وروسيا الاتحادية خاصة في مجالات الخدمات اللوجستية العمانية والبنية الأساسية (التحتية) والتقنيات العالية، بحيث يمكن للسوق الروسي وهو سوق استهلاكي ضخم ان يستفيد من الموقع الجغرافي المميز لسلطنة عُمان عبر ميناء صحار وميناء صلالة وميناء الدقم لاستيراد مختلف المنتجات العمانية ذات الجودة العالية والتي تتناسب مع المواصفات التي تحتاجها الأسواق الروسية. ويمكن في المقابل كذلك الاستفادة من المواد الخام في مختلف مجالات الأمن الغذائي التي تتوفر في روسيا وكذلك توظيف الموارد التكنولوجية المتطورة التي تشتهر بها روسيا في تحسين وتيرة الإنتاج في الصناعات الغذائية العمانية أو حتى توظيف التقنيات الروسية الحديثة في مجالات استخراج النفط والغاز ومجالات انتاج الهيدروجين الأخضر ومختلف أنماط الطاقة البديلة. ومن آفاق التعاون المشترك بين البلدين أهمية السعي لتعزيز الاستثمار في الطاقة النظيفة عبر إنشاء مشاريع مشتركة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، مستفيدين من خبرة روسيا في التقنيات النووية. وتوسيع البنية الأساسية في حال أن رغبت سلطنة عمان مستقبلا في توسيع خطوط شبكة السكك الحديدية في سلطنة عُمان باستخدام التكنولوجيا الروسية والاستفادة من موقع عُمان الاستراتيجي. إضافة الى أهمية تعزيز الشراكات الصناعية عبر إنشاء مصنع مشترك لإنتاج الأسمدة في روسيا باستخدام خام الفوسفات العُماني، لتعزيز الصادرات إلى الأسواق الأوروبية.
كل تلك المبادرات يمكن أن تتطور عبر استراتيجية طويلة المدى وعبر الشراكة العمانية الروسية في “ممر الشرق الأوسط- – روسيا” وربط موانئ عُمان (مثل صحار وصلالة والدقم) بشبكة النقل الروسية عبر بحر قزوين، لتعزيز تجارة النفط والسلع الاستهلاكية كما يمكن لرجال الأعمال في البلدين إنشاء منطقة صناعية عُمانية-روسية في مدينة “أستراخان” الروسية، لتصنيع المنتجات العُمانية (مثل الألمنيوم والكيماويات) وتصديرها لأوروبا وفي المقابل زيادة حجم الاستثمارات الروسية في منطقة الدقم الاقتصادية الواعدة.

 

 

 

 

You may also like

Leave a Comment

اخر الاخبار

الاكثر قراءة

جميع الحقوق محفوظة العموم نيوز

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00