العموم نيوز: أصدر الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد بياناً هذا الأسبوع، أكد فيه أن هروبه من سوريا لم يكن مخططاً مسبقاً، بل كان إجلاءً طارئاً رتبته موسكو. ومع ذلك، فإن كيفية مغادرته للبلاد تبدو أقل أهمية مقارنة بحجم الوحشية التي اتسم بها حكمه على مدى سنوات، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “الفاينانشيال تايمز”.
التقرير يسلط الضوء على أن ما يريده مئات الآلاف من عائلات القتلى والمفقودين والمعذبين على يد نظام الأسد هو تقديمه ومعاونيه للعدالة عن الفظائع التي ارتُكبت خلال حكمه. إحدى أكثر القصص إيلاماً هي تلك التي تظهر السجناء الهزيلين الذين أُطلق سراحهم من سجون سيئة السمعة مثل سجن صيدنايا، فيما تبحث العائلات عن أي أثر لأحبائهم بين الملفات والصور.
كما أشار التقرير إلى أن السوريين يستحقون العدالة، لكن التحدي يكمن في أن العديد من المسؤولين رفيعي المستوى قد فروا بالفعل أو اختبأوا في مدنهم الأصلية. وتعتبر جمع الأدلة لتقديم قضايا ضدهم من أولويات الجهود المستقبلية. بالفعل، جمعت لجنة العدالة والمساءلة الدولية 1.1 مليون وثيقة وشهادات من الضحايا، بينما قامت آلية الأمم المتحدة المحايدة والمستقلة أيضاً بجمع الأدلة.
لكن هناك قضايا أخرى يجب معالجتها، مثل مكان تقديم هذه الأدلة. فبالنظر إلى أن سوريا ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، فمن غير المحتمل أن توافق روسيا والصين على منح المحكمة الاختصاص لمحاكمة الأسد. البديل هو إنشاء محكمة خاصة تحت رعاية الأمم المتحدة، أو حتى محاكمة محلية تتطلب ضمانات لسيادة القانون.
قد يكون أحد السيناريوهات هو محكمة دولية مدعومة بعملية العدالة الانتقالية، مثلما حدث في بلدان أخرى مثل جنوب إفريقيا ورواندا. هذه العملية يمكن أن تجمع بين القضايا القضائية والتدابير غير القضائية مثل لجان الحقيقة التي تهدف إلى تعزيز الشفاء المجتمعي.
ورغم أن من غير المرجح أن يتعاون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع تسليم الأسد للمحاكمة الدولية، إلا أن هناك احتمالية أن يُحاسب الأسد في مكان آخر في المستقبل. في النهاية، يشير التقرير إلى أنه من الضروري للسوريين اختيار النموذج الأنسب لتحقيق العدالة القانونية في المستقبل، مؤكداً أن المساءلة القانونية عن الجرائم المرتكبة خلال عهد الأسد يجب أن تكون جزءاً أساسياً من بناء سيادة القانون في سوريا.