بداية تقدم القروض الميسرة باعتبارها أنباء سارة بل ان تصنيفها يتم باعتبارها منحا وهي ليست كذلك بل هي قروض واجبة السداد حتى لو كانت لآجال طويلة وباسعار فائدة متدنية.
بلغ حجم المساعدات من منح وقروض ميسرة في سنة واحدة، 4.6 مليار دولار.
منها مليارا دولار منح، ومنها قروض ميسرة بقيمة 1.9 مليار دولار، ومنح إضافية ضمن خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية بقيمة 667.4 مليون دولار. تشكل حوالي 8.2% من الناتج الإجمالي البالغ نحو ٥٤ مليار دولار .
المساعدات او المنح او القروض الميسرة متذبذبة بين سنة وأخرى وهو بلا شك يؤثر على حجم وشكل الإنفاق وأولوياته خصوصا في جانبه الرأسمالي.
أين تذهب المساعدات والمنح والقروض الميسرة؟. للإجابة عن هذا السؤال أدعو مراكز البحث والدراسات إلى تحليل الموازنات العامة وكذلك تحليل أوجه الإنفاق المباشر من هذه المساعدات سواء عبر المؤسسات الدولية المانحة مباشرة او من خلال وكالات التنمية الدولية.
كاتب هذا العمود عبر غير مرة بان القروض مثلا لا تبعث على القلق بحد ذاتها شريطة أن تنفق في تمويل مشاريع راسمالية تحقق عوائد تمكن من سدادها من جهة ومن احداث تنمية مستدامة وفرص عمل دائمة من جهة أخرى.
لكن بالمجمل ان الاستمرار في الاعتماد على المنح والقروض ميسرة او غير ميسرة يعد تشوها اقتصاديا يعيق تنامي الإنتاجية والاعتماد على الذات طالما هناك اطمئنان بان المال قادم!.
المنح والمساعدات لا تتم الا بشروط وحتى لا يذهب البعض بعيدا فان هذه الشروط تتعلق بوسائل الانفاق التي يحددها المانحون وتخضع لمتابعتهم.
المساعدات والمنح تذهب الى أغراض محددة المياه، والتنمية المحلية، البنية التحتية والتعليم والصحة وتشجيع الاستثمار والعدالة والحكم الرشيد.
معظم المساعدات الواردة بجميع أشكالها تأتي مخصصة لمشاريع اقتصادية واجتماعية محددة تختارها الدول المانحة بالتنسيق مع الحكومة ووفق الاولويات التي لا تستطيع الموازنة تمويلها.
ما يهمنا هو الاثر الاقتصادي والاجتماعي والامني لهذه المنح والمساعدات ولا اعرف ما ان كانت هناك آلية للقياس لدى وزارة التخطيط او لدى الدول المانحة لكن يجب ان تكون.
كل ذلك يبقى مقبولا لكنه غير ذلك ان كان سيستمر في تكريس الاعتمادية.
لم تستطع أي من الدول المتلقية للمساعدات او المقترضة إنهاء هذا المسار، لكن دولا عدة استطاعت تقليص هذه الاعتمادية بدرجات كبيرة بتطوير الإنتاجية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وزيادة الدخل القومي، بزيادة الصادرات والتدفقات من الاستثمار والسياحة وحوالات العاملين في الخارج. لا يجب ان نغفل هنا أهمية الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية ومنها المعادن اضافة إلى القطاع الأهم وهو الزراعة.
تقليص الاعتماد على المساعدات يفسح المجال أمام زيادة الإنتاج ولا بد من خطة تشبه خطة التحديث الاقتصادي ضمن جدول وبرنامج زمني لتحقيق هذا الهدف.