Home اختيارات رئيس التحريرحالة «طوارىء سياسية» لترتيب البيت الداخلي

حالة «طوارىء سياسية» لترتيب البيت الداخلي

حسين الرواشدة

by editor
70.1K views
A+A-
Reset

بهدوءٍ، وقليلٍ من الكلام، بدأت الدولة الأردنية إعادة ترتيب البيت الداخلي، كل ما جرى منذ بداية هذا العام، على الأقل، كان يصب في هذا الاتجاه، صحيح، الخطاب العام الرسمي ظل يدور في فلك التحديث ومنظوماته الثلاثة، ويعزز قرار الاستدارة للداخل، وينسحب من التصعيد في قضايا خارجية، لكن الصحيح، أيضاً، «القلق» من الاستحقاقات التي تمخضت عن الحرب على غزة وما بعدها ظل بمثابة «الدينامو» الذي حرك عجلة السياسة، ثمة مخاطر قادمة بلا شك، الاستعداد لمواجهتها واجب وطني، والخيار هو «لمّ الشمل» الوطني على وعي محدد، عنوانه حماية المصالح العليا للدولة، والأردن فوق كل اعتبار.

‏لا أدري إذا كانت الرسالة وصلت للمجتمع أم لا، لا أدري، أيضاً، إذا كانت اللحظة التاريخية التي تمر بها المنطقة، وبلدنا تحديداً، تستدعي مكاشفات أوضح وأعمق، وكذلك استنفاراً عاما تقوده قوة وطنية موثوقة تتحدث باسم الدولة، وتشكل الروافع لمقرراتها وخياراتها، لا أدري، ثالثاً، إذا كانت عملية «الترتيب» التي جرت، سواء على صعيد النقابات والبلديات، المجال السياسي والاقتصادي، الثقافي والديني والاجتماعي، قد اكتملت، أو أنها جاءت ناضجة بما يكفي لإقناع الأردنيين، ما أعرفه، تماماً، إدارات الدولة تعمل بانسجام وتوافق، وثمة إجماع على التعامل مع القادم واستحقاقاته بمنطق إعلان صامت لحالة الطوارئ السياسية.

‏لكي نفهم أكثر، المنطقة أمام مرحلة تشبه، تماماً، ما حدث قبل نحو 109 أعوام، وثيقة سايكس بيكو التي تضمنت 12 بنداً يُعاد إنتاجها هذا الأسبوع في واشنطن، لكن بصورة أخرى، قمة «ترامب- نتنياهو» ستكون بمثابة إعلان عن بداية تنفيذ مشروع «الشرق الاوسط الجديد»، حيث تقسيم مناطق النفوذ، وتغيير الخرائط السياسية، وإجراء الصفقات التجارية، السؤال: أين يقع بلدنا من هذا المخطط، وكيف يمكن أن يتعامل معه، هل المطلوب أن يواجهه أم يتكيف معه، ما الأثمان السياسية التي تترتب على ذلك؟ .

‏أكيد، هذه الأسئلة تبدو صعبة، والإجابات عنها ربما أصعب، لكن إذا توافقنا على أن القضية الفلسطينية هي الثابت والمتغير (معاً) وأنها تشكل محور الصراع وتداعياته واستحقاقاته، فإن اعادة ترسيم مواقفنا من هذه القضية يساعدنا في الإجابة عن أسئلة القادم، ثمة ثوابت نتوافق عليها حول هذه القضية : مصالحنا الوطنية العليا، دعم صمود أهلنا هناك، رفض حل القضية الفلسطينية على حساب بلدنا، قرار الفلسطينيين بيدهم، نحن جزء من الأمة العربية والإسلامية ونعمل في إطارها، ولا نتحمل وحدنا مسؤولية ما حدث أو ما سيحدث، هذه العناوين وغيرها تحتاج إلى حوار وطني أوسع لكي نخرج بمعادلة أردنية واضحة، تُرسّم علاقتنا بالقضية الفلسطينية خلال المرحلة القادمة.

‏بصراحة أكثر، القضية الفلسطينية تواجه خطراً وجودياً، انتهت على ما يبدو كل المقاربات التي طُرحت فيما مضى للحل أو للتسويات والسلام، إسرائيل تريد فلسطين بأقل ما يمكن من فلسطينيين، ومشاريع التهجير جاهزة على ما يبدو، والدول المستقبلة أصبحت معروفة، وكذلك مشاريع التطبيع، الأردن يقف وحيداً في مواجهة هذا المخطط الكبير، ولا يستطيع، وحده، أن يتصدى له، المطلوب أن نفكر، كأردنيين، بمنطق عاقل وهادئ لكي نخرج من هذه المرحلة بأقل الخسائر، والأهم أن ننتزع لنا دوراً يضمن الحفاظ على بلدنا، ويجنبه الانخراط في أي مغامرة.

You may also like

Leave a Comment

اخر الاخبار

الاكثر قراءة

جميع الحقوق محفوظة العموم نيوز

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00