العموم نيوز: في حين يتطور مرض الزهايمر لدى معظم المرضى بشكل تدريجي عبر سنوات طويلة، هناك حالات نادرة يهاجم فيها المرض الدماغ بسرعة غير معتادة، مسببًا تدهورًا حادًا في القدرات العقلية خلال أقل من عامين.
الزهايمر السريع: لغز يحاول العلماء فكّه
أطلق باحثون من “مايو كلينك” في الولايات المتحدة، دراسة جديدة بتمويل من “معاهد الصحة الوطنية”، بهدف التعمق في فهم الخرف السريع المرتبط بمرض الزهايمر. يقود الفريق الدكتور جريج داي، أخصائي الأعصاب، والذي أشار إلى صعوبة التعامل مع هذه الحالات طبيًا نظرًا لتعدد مسبباتها المحتملة.
تركز الدراسة على تحليل العوامل التي قد تجعل بعض الأشخاص أكثر عرضة لهذا التدهور المفاجئ في القدرات العقلية، سواء كانت وراثية، بنيوية (مرتبطة ببنية الدماغ)، أو اجتماعية مثل نمط الحياة أو التجارب الشخصية.
كما يسعى الباحثون إلى فهم دور بروتينين رئيسيين في هذا التدهور وهما “الأميلويد” الذي يتراكم على شكل ترسبات في الدماغ و”التاو” الذي يتسبب في تلف الخلايا العصبية.
هذان البروتينان مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بمرض الزهايمر، لكن تأثيرهما في الحالات السريعة ما يزال غير واضح.
البحث في عمق الدماغ: تحليل البروتينات والسوائل
بهدف الوصول إلى فهم أعمق لأسباب تسارع الخرف، يركز الباحثون على دراسة “الممرات الخلوية” في الدماغ، وهي المسارات التي تنقل الإشارات داخل الخلايا العصبية، والتي يُعتقد أنها تلعب دورًا جوهريًا في تفاقم الحالة.
تشمل الدراسة جمع بيانات دقيقة من 120 مريضًا يعانون من الخرف السريع على مدار ثلاث سنوات.
وسيتم تحليل هذه البيانات ومقارنتها مع بيانات مرضى آخرين يعانون من الخرف التقليدي البطيء، ضمن مركز “مايو كلينك” المتخصص في أبحاث الزهايمر.
ويتوسع فريق البحث في دراسة عوامل متعددة مثل العمر، الجنس، التاريخ الطبي، التغيرات الجينية، والحالة العامة للدماغ، من خلال فحص مكونات السائل الدماغي النخاعي، الذي يحيط بالدماغ والحبل الشوكي ويُعد مؤشرًا مهمًا لحالة الأعصاب.
ويأمل العلماء أن تفتح هذه التحليلات الطريق لتطوير طرق دقيقة لرصد المرض في مراحله الأولى، إلى جانب علاجات أكثر فعالية يمكن أن تُبطئ من تدهوره، سواء كان بطيئًا أم سريعًا.
تطبيب عن بُعد: العلم يصل إلى المنازل
ما يميز هذه المبادرة هو استخدامها للتكنولوجيا الحديثة في “التطبيب عن بُعد”؛ ما يتيح للمرضى من مختلف الولايات الأمريكية المشاركة بسهولة، دون الحاجة للانتقال إلى المركز الطبي. إذ يتم تقديم التقييمات الطبية والفحوصات عبر الإنترنت؛ ما يزيل العوائق أمام المشاركة ويوفر بيئة داعمة وشاملة.
أمل جديد في وجه الزهايمر
تمثل هذه الدراسة خطوة متقدمة في إعادة صياغة مفهوم البحث العلمي، وفتح أبواب جديدة لفهم هذا المرض المعقد وتقديم حلول علاجية تتماشى مع تطوره السريع لدى بعض الحالات.