لندن: محمد الطّورة
كانَ الصالحونَ من هذه الأمةِ وعلماؤها رحمهم الله يقولون: “من علامةِ المقتِ إضاعةُ الوقتِ”.
صرّح رئيس الوزراء مؤخرًا بأن “وقتنا جميعًا ليس مُلكًا لنا، بل هو حق للأردن والأردنيين”. إن هذا التصريح يعكس أهمية الوقت وكيفية استخدامه في البناء والتنمية. إن العمل من أجل الوطن والتفاني في خدمة قضايا المجتمع يجب أن يكونوا في مقدمة أولويات المؤسسات والدوائر والأفراد.
يوم أمس وخلال إجتماع مجلس الوزراء، أدلى رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان بتصريحات تعكس رؤيته حول مفهوم الوقت وأهميته بالنسبة للوطن والشعب. فقد شدد على أن “وقت كل منا ليس ملكا لنا فقط، بل هو حق للأردن والأردنيين”. جاءت هذه التصريحات في سياق مساعي الحكومة لتعزيز الانتماء الوطني وتحفيز المواطنين على استثمار وقتهم بما يخدم مصلحة الوطن. هذا المبدأ يعكس رؤية أوسع للحكومة نحو استثمار الموارد البشرية بشكل فعّال لتعزيز التنمية المستدامة في الأردن.
يعاني العديد من المواطنيين من تأخير معاملاتهم وتعرضهم لمواقف غير مبرر عند التعامل مع بعض المؤسسات. يجب أن نُدرك أن كل دقيقة من وقت المواطن لها قيمة. لذا من المهم أن يدرك العاملون في هذه المؤسسات بأنهم ليسوا فقط في مواقع عمل، بل هم أيضاً في مراكز خدمة للمواطنين.
في هذه الظروف، نتمنى أن تلتقط بعض مؤسسات الدولة المعنية والتي تتداخل صلاحياتها مع صلاحيات غيرها من مؤسسات الدولة الرسالة وتركز على تحسين أداء منتسبيها عند التعامل مع المواطنيين. من الضروري أن يتم تدريب العاملين وتحديث الأنظمة الإدارية وتعزيز دور الخدمة العامة بما يضمن تقديم خدمات فعالة وسريعة للجميع. إن تحسين عملية التعامل مع المواطنين سيكون له تأثير إيجابي على المجتمع ككل.
كما وتتزامن هذه التصريحات مع تحديات اقتصادية واجتماعية تواجه المجتمع الأردني، حيث يسعى رئيس الوزراء إلى تحفيز أجهزة الدولة المتخلفة والمواطنين على استخدام وقتهم بطريقة إيجابية تُساهم في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. ومن هنا، فإن الرسائل الأساسية التي يعبر عنها دولة الرئيس تتعلق بأهمية العمل الجماعي وتوحيد الجهود من أجل مستقبل مشرق للأردن. كما أن الوقت هو عنصر حيوي في بناء الهوية الوطنية وتعزيز روح الإبداع والسياسات التنموية التي تضع مصلحة الوطن في مقدمة أولوياتها.
يتطلع رئيس الوزراء الذي عمل في حقل السلك الدبلوماسي وكان قريباً من جلالة الملك إلى التأكيد أن كل دقيقة تُستثمر بجدية يمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً في مسيرة البلاد. كما يمكن لهذه التصريحات أن تلعب دورًا في تحفيز النقاشات حول إدارة الوقت بشكل أفضل على جميع المستويات، سواء الحكومية أوالفردية أو المجتمعية. من المهم الإشارة إلى الأسس التي استندت إليها هذه التصريحات، والتي تتعلق برؤية الحكومة تجاه النهوض بالمواطنين ومنحهم الحق الحقيقي في وقتهم، مما قد يُسهم في تحسين نوعية حياتهم وأثر ذلك على مسيرة التنمية في الأردن.
يعتبر الوقت أحد أهم الموارد التي تمتلكها المجتمعات، وهو ليس مجرد ملك شخصي، بل يُعتبر حقاً يخص جميع مكونات الوطن بأكملها. تعكس هذه الرؤيا أن الوقت هو حق مشترك وقيم تتعلق بالتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. عندما يتبنى المجتمع فكرة أن الوقت ملك للجميع، تتجلى الكثير من الآثار الإيجابية التي يمكن أن تساهم في تشكيل الهوية الوطنية وتعزيز الروح الجماعية.
في السياق الاجتماعي، يؤدي تقدير الوقت كحق إلى استثمار أفضل في الموارد البشرية. فكل فرد في المجتمع يحمل مسؤولية تجاه استخدام وقته بطرق تعود بالنفع على الوطن. وهذا يتطلب تخطيطاً دقيقاً وإدارة فعّالة للوقت على مستوى الأفراد والمؤسسات. إدارة الوقت بشكل فعّال تساعد في تحقيق الأهداف الجماعية، مثل تحسين البنية التحتية، وتعزيز التعليم، وتطوير القطاعات الاقتصادية التي بدورها تسهم في تعزيز العدالة الاجتماعيةوالنهضة الإقتصادية.
باختصار، إن النظر إلى الوقت كحق يتجاوز الحدود الفردية، ويشدد على المسؤولية الجماعية المبنية على الالتزام والاحترام المتبادل. يتطلب ذلك جهوداً متكاملة من جميع أطراف المجتمع لضمان استخدام الوقت بما يحقق الفائدة العامة ويلبّي احتياجات الوطن والمواطنين بشكل عادل وفعال.
إن الالتزام الوطني يتطلب منا جميعًا تغليب مصالح الوطن على المصالح الفردية الضيقة أو المناكفات العبثية التي لا طائل منها . من خلال جعل وقتنا خدمة للأردن، يمكننا تعزيز روح التعاون والصمود في وجه التحديات. إن كل عمل يقوم به المواطن في الوقت المناسب ، مهما كان صغيرًا، يسهم في تحقيق التنمية المستدامة والرفاهية للجميع.