صديقي زياد صلاح، المهندس النموذجي وصاحب المشاريع المنفذة الكبيرة التي ترك بصماته عليها، ولن أسردها، فهي كثيرة تمتد على طوال سنوات عمره الفاعلة، فقد كان وراء انفاذ مسجد الملك المؤسس، عبد الله الأول، وانفاذ جامعة مؤتة، ومشاريع أخرى تزيد عن عشرين مميزة.
حين تحدثنا أنا وصديق، قال لي هل تعرف أبو عمر، زياد صلاح، فأجبت، نعم، فقال لديه قواشين أرض في فلسطين خلف الخط الأخضر، (محتلة من عام 1948)، عديدة، ثم أعاد لماذا لم تسألني، أين؟ فسألته، فقال في مكان اسمه “نتانيا” جوار تل أبيب، حيث ساحل نتانيا الشهير، هناك أرض والده وأجداده، بمئات الدونمات، تمتد، ولديه فيها كواشين عثمانية، ما زال يحتفظ بها منذ اقتلاعه وأهله من وطنهم وتوجههم الى نابلس وغيرها.
لست بحاجة أن اتكلم عن العائلة، صلاح، فهي شهيرة ومنها إعلام كبار، شغلوا مواقع مهمة في الحياتين العامة والخاصة، ولكني اتحدث عنهما، عن الأرض وعن الجذور التي جرى اقتلاعها من الأرض وتبديدها في مشارق الأرض ومغاربها، وما زلت اذكر أولاده الناجحين الذين تعرفت عليهم، ومنهم ابنه الأكبر عمر.
فماذا تكون نتانيا، وهذا اسمها الذي اطلقته اسرائيل ضمن سياسة الاسرلة والتهويد، فقد كان اسمها الفلسطيني المعروف (أم خالد) وتتبع قضاء طولكرم، وتقع في المنطقة الوسطى في فلسطين المحتلة عام 1948، وتسمى عاصمة (سهل شارون)، كما يطلق عليها الاسرائيليون ويغطيها منتجع سياحي شهير على امتداد 14 كم من الشواطئ، معظم المهاجرين اليهود اليها منذ عام 1948، جاءوا من المملكة المتحدة، بريطانيا، ومن الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وقد زاد عدد سكانها بشكل كبير، ومعظهم من اليهود الأوروبيين، الاشكناز، ليبلغوا أكثر من 180 ألف نسمة، ويخطط الاحتلال الى جعل سكانها يتضاعف ليصل الى 350 ألفا.
تأسست مستعمرة نتانيا عام 1929، على يد اليهود البيض، وكانت مساحتها 30كم2، وسميت المدينة باسم المتبرع الصهيوني، شتراوس ناثان، أحد أكبر ملاك المتاجر، مايسينز، الذي قدم أمولاً هائلة للاستيطان، ولم يبيع سكان نتانيا الأصليين دونماً واحداً منها، وإنما كان البيع من عائلات غير فلسطينية باعت وهاجرت قبل النكبة ولكن ليس من ارض أم خالد، ولم يتوقف تدفق المستوطنين اليها، الاّ ابان ثورة البراق الفلسطينية عام 1929، حين انتفض أهلها، ويومها تخلى عنها المستوطنون ثم عادوا بعد ذلك، وكان أول حضانة ومتجر قد افتتحا عام 1931، حين كان يسكنها 300 مستعمر، أمتهن أكثرهم الزراعة، وشهدت المدينة افتتاح أول فندق، “فندق تل أبيب” عام 1933، وفي نفس العام أقيم حيين جديدين، هما، صيون وجفا.
ثم نشأت اول منظقة صناعية فيها وبناء كنيس ومدرسة بيالك واتصلت البلدة بطريق تل أبيب حيفا.
قلت لصديقي بعد أن جمعت ما يكفي عن نتانيا التي تنافس هرتيسيليا شهرة، في الساحل الفلسطيني أنني تذكرت أن صديقي زياد صلاح، قد ذكر لي الكثير عن بلده الأصلي، نتانيا، أم خالد وامتدادها، ووعد أن يطلعني على ملكيات وقواشين الأراضي التي تخص عائلته، ثم سأبحث لاحقاً عن طبيعة المدينة الشهيرة الآن وما تتميز به من معالم تجارية وسياحية وزراعية حتى تبقى كل تلك المعلومات في الذاكرة، وحتى لا ننسى وتبقى الأجيال تتذكر، فلا يضيع حق وراءه مطالب.


