عين العاصفة

أ.د. صلاح العبّادي

by editor
18.3K views
A+A-
Reset

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقول بأن هناك الكثير من الإنجازات التي حققها وهناك المزيد بانتظار تحقيقه.

وعدّد جبهة الحوثي وحزب الله في لبنان وسوريا. كما ذكّر بالضربات على إيران وأكّد الاستمرار بالقضاء على المحور الإيراني وحماس.

كلامٌ يتزامن مع الكشف عن مخطط إسرائيل لضم أجزاءٍ من الضفة الغربيّة، وإبلاغها واشنطن والدول الأوروبيّة بذلك.

ماذا يخطط نتنياهو للمنطقة؟ وما علاقة الغرب خصوصًا بعدما قال نتنياهو في بداية الحرب بأنّ إسرائيل تخوضها بالنيابة عن الدول الغربيّة كلها؟!
وما البديل الذي تطلبه هذهِ الدول مقابل هذه الحرب لاسيما في ضوء النتائج التي أعلن عن تحقيقها؟!

وهنا نستذكر ما قيل بأنّ:”مساحةُ إسرائيل صغيرة وأفكرُ بخطةٍ لتوسيعها..” فكان هذا وعد الرئيس الأميريكي دونالد ترامب الذي أطلقه في حملته الانتخابية أمام حشدٍ يهودي؛ وهو اليوم يفي بوعده.

إسرائيل الكبرى على مائدة اليمين المتطرف وبمباركة إدارة ترامب، تقترب خارطتها من الاكتمال، من غزّة إلى الضفة الغربيّة. فهل يدفن حلم الدولة الفلسطينيّة؟
وهل يعني ذلك نهاية اتفاقية أوسلو؟

الحكومة الإسرائيليّة تبحثُ بشكلٍ جدي ضم أجزاءٍ من الضفة الغربية رداً على تحركات دولٍ غربيّة للاعتراف بدولة فلسطين.

وبحسب موقع أكسيوس أبلغ وزراء إسرائيليون نظراءهم الأوروبيين بأنّ أي اعترافٍ بالدولة الفلسطينيّة سيقابله ضمٌ فعليٌ لأراضي في الضفة الغربيّة تشمل مناطق استراتيجية كغور الأردن، من الممكن أن يعكس تصعيدًا جديدًا في السياسة الإسرائيليّة تجاه القضيّة الفلسطينيّة.

وزير الشؤون الإستراتيجيّة الإسرائيلي رون ديرمر، أبلغ فرنسا بأن إسرائيل ستضم المناطق جيم والتي تشكلُ نحو ستين بالمئة من أراضي الضفة الغربيّة. كما أنّ تل أبيب أبلغت إدارة ترامب بعزمها إعلان ضم الضفة الغربيّة قريبًا.

موقع والا بحسب وزير الخارجيّة الإسرائيلي جدعون ساعر ناقش هذا الملف مع نظيره الأميريكي ماركو روبيو، مؤكدًا بأنّ إعلان الضم قادمٌ، وربما خلال الأشهر المقبلة.
تعترفون بالدولة الفلسطينيّة سنضم المزيد من أراضي الضفّة الغربيّة.. معادلة تحاول إسرائيل فرضها على الدول الأوروبيّة التي تقود مساعي الاعتراف بدولة فلسطينيّة، كحلٍ جذري ومستدام للصراع الدائر منذ عقود.

مستشار الأمن القومي الإسرائيلي أبلغ مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط بأنّ إسرائيل ستضم المنطقة جيم كاملة، والتي تشكّل نحو ستين بالمئة من مساحة الضفّة الغربيّة.

كيف سترد الدول الأوروبيّة على هذا التصعيد وما موقف السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة وخياراتها الحاليّة؟!.
ترقب الأسوأ هو لسان حال سكان قطاع غزّة على وقع حديثٍ متصاعد عن قرب تنفيذ إسرائيل خطتها المسماة عربات جدعون اثنين لاحتلال مدينة غزّة، وما سيتبعه من تفاقمٍ للوضع الإنساني المأساوي أصلًا.

يأتي هذا في وقت يتجددُ فيه الحديث عن خططِ تهجير سكانِ القطاع.

وفي وقت تستعد فيه إسرائيل بتوسيع عملياتها العسكريّة وتنفيذِ مخططها لاحتلال مدينة غزّة، تبحث الإدارة الأمريكية مستقبل القطاع بعد الحرب، ليعود إلى الواجهة المخطط بشأن تهجير سكان القطاع.

وتقوم الخطّة على وضع القطاع تحت الوصايّة الأمريكيّة المباشرة لعشر سنواتٍ على الأقل، وتحويله تدريجيًا إلى وجهةٍ سياحيةٍ ومركزٍ استثماري.
وتطّرح الخطّة خيار ما تصفه بترحيلٍ طوعي لكل الفلسطينيين الراغبين بمغادرة القطاع، مقابل تعويضات ماليّة أو إلى مناطق محصورة داخل القطاع.
خطّة إدارة ترامب لا تأتي على ذكرِ قيام دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلة.

الرئيس ترامب كان قدّ روّج مرارًا إلى تحويل قطاع غزّة إلى ما وصفه ريفيرا الشرق الأوسط؛ لكنّه أثار من خلال أسئلة عدّة حول كيفيّة تنفيذ ذلك، ومدى شرعيّته مع القوانين والمواثيق الدوليّة.

خطوات متسارعة تخطوها إسرائيل نحو فرضِ واقعٍ جديد في الضفة الغربية مع تصعيدٍ لافت في السياسات الاستيطانيّة؛ ففي الشهر الماضي وافق وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على تنفيذ خطّة أي ون؛ والتي تهدف إلى عزل القدس عن محيطها الفلسطيني، وفصل شمال الضفة عن جنوبها عبر بناء ثلاثة آلاف وخمسمئة وحدة استيطانيّة في مستوطنة “معاليه أدوميم” والتي تعد واحدة من كبرى مستوطنات الضفة الغربية.

وشُيدت على أجزاء كبيرة من أراضي بلدتي العيزرية وأبو ديس الفلسطينيتين، على بعد سبعة كيلومترات شرق القدس المحتلة.

في شهر تموز الماضي صادق الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون يدعم فرض السيادة الإسرائيليّة على الضفة الغربية التي تضم سبعمئة ألف مستوطن، مما يفاقم المخاوف من إنهاء أي إمكانيّة لأي حلٍ سلمي ويكرس عمليًا تقسيم الضفة في ظل تحضيرات دوليّة متزايدة من تداعيات هذهِ الإجراءات.

وفي ظل تصاعد التحركات الإسرائيليّة لضم الضفة الغربية يكشفُ الموقف الأميريكي عن دعم غير مباشر تجلى في تقييد منح التأشيرات للفلسطينيين حكومًة وشعبًا، وتأييدٍ ضمني لفرض السيادة الإسرائيليّة على الضفّة.

تصريحات مسؤولين أمريكيين وسفير واشنطن لدى تل أبيب تشير إلى تراجعٍ واضح في التزام حل الدولتين.
هل يمنح الموقف الأميريكي إسرائيل ضوءا أخضر غير مباشر للمضي في مشاريع الضم والتوسع الاستيطاني؟
وهل تريد واشنطن أن تقول بأنّها تعطي اليوم لنتنياهو وحكومته من اليمين المتطرف الضوء الأخضر لتصفية القضية الفلسطينيّة؟
بعد حديثٍ بين نتنياهو وترامب أعلن ترامب رفض الصفقات الجزئيّة في القطاع وحسم الحرب في القطاع بكل قوة.

نتنياهو أيضًا تحدث بأنّ الجيش الإسرائيلي وحده سيتحمّل مسؤولية أي فشل للسيطرة على مدينة غزّة. من هنا تتوضح ملامح المسار الذي يرسم بيد نتنياهو وحكومته.

في قلب هذا المشهد المتشابك تبقى حماس في عين الهدف، قادة يصفّون في الداخل ويلاحقون في الخارج، كما تقول القيادات العسكريّة الإسرائيليّة. كل هذا وسط روايات تتحدث عن تقهقر تنظيمي تعيشه الحركة.

فهل نجحت أم فشلت إسرائيل في القطاع حتى الآن؟

في التفاصيل ذكرت وسائل إعلام إسرائيليّة بأن نتنياهو كشف أمام جلسة للكنيست بأنّ الرئيس الأمريكي ترامب أبلغه برفض الصفقات الجزئيّة وتجاهلها وحسم حرب غزّة بكل قوة.

وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أنّ نتنياهو تعهد بأن الجيش الإسرائيلي سيتحمل وحده إخفاقات الخطّة؛ خطّة السيطرة على مدينة غزّة.

أما على مسار العملية العسكريّة القناة الثانية عشرة الإسرائيليّة كشفت عن وثيقة داخليّة للجيش الإسرائيلي؛ هذهِ الوثيقة تشير إلى أن عملية مركبات جدعون اثنين قد فشلت، وأنّ إسرائيل ارتكبت كل خطأ ممكن بشن حرب تخالف عقيدة الحرب.

وحسب الوثيقة فقد قاتلت إسرائيل دون مراعاة للوقت أو إدارة الموارد واستنفدت قواتها، وخسرت كل مصداقيتها الدوليّة.

ووفق الوثيقة المسرّبة فإن أسلوب قتال الجيش لا يتوافق مع عقيدة حماس القتاليّة وأسلوبها في القتال.

ويبقى السؤال هل ستثني التهديدات الإسرائيليّة الدول الغربيّة عن المضي في خططها للاعتراف بالدولة الفلسطينيّة؟

وكيف تتجرأ إسرائيل على القانون الدولي وتُعلن ضم المزيد من الأراضي في خرق سافر للقوانين الدوليّة، خصوصًا وأنّ المنطقة جيم حسب القوانين الدوليّة يجب أن لا تدخل إليها إسرائيل؟

وهل سيستمر سرطان الاستيطان والمشروع الاستعماري ماضٍ من قبل جانب إسرائيل التي تهدد دولا أوروبيّة التي ستعترف بفلسطين ؟

وكيف تفسّر هذهِ الجرأة في الاستيلاء على أراضي الغير لتصبح إسرائيل دولة مارقة ؟!.

 

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00