لندن: محمد لندن
“يا أخي لا تمل بوجهك عنّي، ما أنا فحمة و لا أنت فَرقد”
قرأت بيت الشعر هذا خلال رحلة العودة على متن أحد رحلات الملكية الأردنية من الأردن إلى لندن، وذلك بعد زيارة خاصة للوطن كنت اخطط فيها للقاء أحد كبار المسؤولين لمناقشة قضية تهم الوطن، وليس لأغراض أو مطالب شخصية.
.
للأسف أن هذا اللقاء لم يتم على الرغم أنني حاولت التواصل مع مكتب ذلك المسؤول، لترتيب الموعد دون جدوى، وتفاجأت بعدم الرد أو الإجابة على الطلب بالموافقة أو الرفض كما هو الأصل في التعامل مع أي طلب يقدم لأي جهه رسمية. كانت هذه المشكلة تعكس عدم الحس بالمسؤلية لدى العاملين في المكتب وعدم تقديرهم لظروف الناس ومشاغلهم وأوقاتهم.
يمثل هذا السلوك تحديًا كبيرًا، ويجعلني أتساءل عن الأسباب وراء مثل هذه التصرفات. التي قد تفاقم المشاكل بدلاً من السعي لحلها نتيجة لهذه التطنيش؟ مؤكداً كأحد أبناء الحكومة أن أياً من قادة المؤسسات والدوائر الذين تعاملت معهم وأعرف معظمهم لن يقبل بمثل هذه التصرفات من أي شخص كان، لذا يجب على مؤسسات الدولة أن تبحث عن حلول لتعزيز قنوات التواصل والنقاش المثمر في المستقبل حول مثل تلك الأمور بعيداً عن وساطة العاملين في بعض المكاتب الذين يخيل لبعظهم ان الناس “فحمة وهم فرقد”.
هذا ويعتبر التواصل بين المسؤول والمواطن من الأمور الأساسية التي تساهم في بناء العلاقات الرسمية بشكل سليم. عندما تتعطل هذه القنوات، تظهر العديد من المشاكل التي تؤدي إلى استياء المواطن وزيادة المعارضة. ففشل التواصل مع الناس هو في كثير من الأحيان سبب رئيسي لتفاقم الأزمات.
واحدة من القضايا الرئيسية التي تؤدي إلى فشل التواصل هي عدم إتاحة المجال للمواطنين لمقابلة المسؤولين. إن استقبال المواطنين وفتح قنوات تواصل معهم بشكل مباشر يُعد من الأدوات الفعالة لتحسين العلاقات بين الجميع ، وقد يسهم في حل العديد من المشكلات. في غياب هذا التفاعل، يشعر المواطن بالإقصاء مما يزيد من وتيرة الاحتجاجات والاعتراضات التي تشوه سمعة الوطن.
كما يؤدي غياب التواصل الجيد إلى عدم فهم متطلبات المواطن ومشاكله، مما قد يتسبب في تفاقم الأوضاع وخروجها عن السيطرة. عندما يشعر المواطن بأن صوته غير مسموع، يصبح من السهل على المشاعر السلبية أن تتزايد وتتحكم في تصرفاته. لذا، من الضروري أن تسعى الجهات المسؤولة لتوفير منصات تفاعلية تسمح بالتواصل الفعّال مع المواطنين، مما يسهم في تقليص الفجوة بين المسؤولين والمجتمع.