محمد أبو سماقة
لا نستطيع أن ننكر وجود أزمة حقيقية بين الفنان الأردني والجهة الإنتاجية الأكبر والأهم، وهي مؤسسة الإذاعة والتلفزيون. هذه الأزمة أفرزت صرخات ومطالبات من الفنانين الذين يشكون انعدام الإنتاج الدرامي من قبل التلفزيون، في وقت تراجع فيه المنتج الخاص عن المغامرة، باستثناء بعض المحاولات المتواضعة من جميع الجوانب. وحتى عندما يكون هناك إنتاجات كبيرة، فإن أصحابها لا يمانعون بيعها على الأقل بسعر الكلفة، وهذا ليس محور حديثنا لكنه يستحق الإشارة.
الأزمة تتلخص بين طرفين:
الفنان وهو محق في مطالبه، فهذا مجال عمله ومصدر رزقه.
مؤسسة التلفزيون التي تبرر ضعفها بعدم توفر المخصصات لإنتاج أعمال درامية أردنية تليق بطموحات الفنانين وتلبي رغبة الجمهور. وفي أحيان أخرى تفكر بشراء أعمال ليست بمستوى الطموح، بينما المنتج الخاص قادر على تقديم أعمال ممتازة إذا وجد سوقًا حقيقية للشراء.
لكن المعضلة أن التلفزيون ما زال ملتزمًا بتسعيرة قديمة تعود لعام 2012 عند توقيع اتفاقيته مع اتحاد المنتجين الأردنيين، بحيث لا تتجاوز تكلفة ساعة الدراما 5000 دينار، وهو رقم لم يعد ينسجم مع واقع السوق ولا مع حجم التكاليف الحالية.
واعتقادي أن التأخر في إيجاد معالجة لهذه الأزمة لن ينهيها بل سيضاعف من حجم المطالبات والصرخات، فمسألة الإنتاج لا تخص الممثل فقط، بل تمتد لتشمل الكتّاب والمخرجين والموسيقيين والفنيين وجميع العاملين في صناعة الدراما. لذلك لا بد أن تكون هناك تدخلات عاجلة قبل أن تتفاقم الأزمة وتصل إلى نقطة يصعب معها الإصلاح.
ومن الضروري أن يتم ربط مسألة الإنتاج والشراء بآلية واضحة وشفافة ومعلنة، يطّلع عليها الجميع: الفنان من خلال نقابته، والمنتج من خلال اتحاده، بحيث لا نفاجأ بقرارات شراء أو إنتاج غير معروفة التفاصيل. فالدراما اليوم ليست مجرد جزء من الهوية الثقافية أو وسيلة ترفيهية للجمهور، بل هي صناعة كبرى قادرة على توليد فرص عمل لشرائح واسعة من المجتمع.
وقد تابعنا خلال الأسبوعين الماضيين ما نشر على منصات التواصل الاجتماعي وفي المواقع الإلكترونية حول هذه المشكلة، لكننا لم نصل إلى نتيجة واضحة، مما يجعل السؤال أكثر إلحاحًا: فهل من غيور وعاقل أن يتدخل ليسهّل وضع العربة على مسارها الصحيح.
* كاتب ومنتج