لقد أثبتت الدبلوماسية الأردنية بذكاء وحنكة تحت قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين قدرة كبيرة على التأثير في مواقف العديد من قيادات دول الاتحاد الأوروبي، مما أسهم في تغيير بعض هذه المواقف ومحاربة الدعاية الإسرائيلية التي نُسجت من الوهم والخيال، والتي كان لها تأثيرات سلبية على الاستقرار وعملية السلام. وفي مناورة دبلوماسية استراتيجية، نجح الأردن في إبراز موقفه الرافض لتبعية الاتحاد الأوروبي للسياسة الأمريكية الداعمة لإسرائيل في هذه الحرب، سواء من الناحية الدبلوماسية أو العسكرية.
إن الدور الأردني تجاه غزة والأماكن المقدسة في فلسطين كان ولا يزال دورًا محوريًا وصادقًا وفاعلًا. من المعروف أن السياسة الخارجية لأي دولة تعتمد بالأساس على المصالح الوطنية، حيث لا يمكن معالجة القضايا المطروحة في المحافل الدولية أو الإقليمية إلا بناءً على هذه المصالح. وفي هذا السياق، نجد أن الدبلوماسية الأردنية كانت حاضرة وبقوة، باستخدام كافة الإمكانيات وقنوات الاتصال المتاحة، سواء دبلوماسيًا أو سياسيًا. ويظهر هذا جليًا في زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني، برفقة سمو ولي العهد، للعديد من دول العالم، حيث شدد جلالته على ضرورة تنسيق المواقف العربية والإسلامية، وتوحيد الجهود، والتواصل مع المجتمع الدولي للتصدي لما يحدث من إبادة جماعية أو عمليات تهجير بحق الفلسطينيين.
إن القيادة السياسية الأردنية أظهرت براعة في تحديد الأهداف وترتيبها وفقًا لأولوياتها، واختيار الوسائل الملائمة لتحقيق هذه الأهداف بما يتناسب مع القدرات الحقيقية للأردن. كما تجلت براعة جلالة الملك في اتخاذ القرارات اللازمة لمواجهة الأزمات التي تفرزها المواقف المختلفة، وهو ما جعل الأردن يتبوأ مكانة ريادية في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة.
وفي هذا السياق، لا يمكن إلا أن نُشيد بدور معالي وزير الخارجية أيمن الصفدي، ومعه طاقم الوزارة من الدبلوماسيين، الذين لم يتوانوا عن أداء واجبهم الوطني في خدمة المواطنين أينما كانوا. وشهدت عمليات الإجلاء في السودان ولبنان، وغيرها من الدول، تنسيقًا متميزًا مع نشامى القوات المسلحة الأردنية، الذين كانوا الدرع الحصين للوطن في تلك العمليات.