Home اختيارات رئيس التحرير‏لدينا أخطاء ومشكلات لكن لدينا إنجازات أيضاً

‏لدينا أخطاء ومشكلات لكن لدينا إنجازات أيضاً

حسين الرواشدة

by editor
81.1K views
A+A-
Reset

هل لدينا مشكلات في الأردن؟ أكيد، هل قصرنا، أقصد إدارات الدولة والمجتمع، في مواجهة هذه المشكلات وتجاوزها بحلول جذرية؟ أكيد أيضاً، هل لدينا إنجازات تستحق الذكر والتقدير ؟ نعم، ما أنجزناه مقارنة مع المحيط بنا، وعلى الرغم مما تعرضنا له من تحديات واقع لا يمكن إنكاره.

لماذا، إذاً، نتبادل الشكوى والتذمر، ونغمض أعيننا عن الإنجازات ونفتحها على الأخطاء والتراجعات فقط، ثم نجلد أنفسنا ونكرّس لدى الأردنيين، خاصة الشباب، ثقافة اليأس والنكران، ونزرع فيهم الإحساس باللاجدوى من المستقبل، والاستغراق بالسواد العام؟.

‏أفهم، بالطبع، أن الرضا العام عن السياسات والمقررات يتذبذب تبعاً لعوامل متعددة، يمكن قياسها وفقاً لمعادلات الثقة ومستويات المعيشة والخدمات، وحركة الاداء في مختلف القطاعات الحيوية، أفهم، أيضاً، أن المقارنة بين بلدنا والبلدان الأخرى على صعيد الإنجاز والرضا العام تخضع، أو هكذا يجب، لمعايير واقعية تضع في حساباتها الجغرافيا والسياسة والثقافة والموارد والتشريعات.. الخ، وما يتغلغل داخل هذه المجالات من تفاصيل ومتغيرات.

‏لكن ما لا أفهمه هو أن نظل أسرى لمقولات متناقضة تريد من الأردن أن يتصرف كدولة عظمى، وأن يمارس أدواراً في الإقليم تفوق إمكانياته، وقد تتناقض مع مصالحه العليا، وإذا لم يفعل ذلك تتحرك ماكينة التشكيك والاتهامات ضده، في المقابل هؤلاء الذين يطالبونه بالخضوع لرغباتهم وأجنداتهم لا يرونه إلا دولة هشة، ليس لديها إنجازات، ولا مؤسسات، ولا يتوفر فيها ما يلزم من خدمات، ولا تستحق بالتالي أن تحظى بالثقة والاعتزاز.

‏غياب « المسطرة الأردنية»، أقصد الإيمان الراسخ بالدولة، والاعتقاد أنها الأولوية والقضية لكافة الأردنيين، ربما صنع هذا الشرخ وأفرز حالة من عدم الرضا عن الإنجاز، وربما إنكاره أيضا، بعض التيارات السياسية رسخت في الوعي العام الأردني انطباعات، تحولت إلى ثقافة عامة وقناعات، ثم فجرت لدى أغلبية الأردنيين خزانات من الإحساس بالمظلوميات، وهرماً مقلوباً عند ترتيب الأولويات، هذا الهرم المقلوب همّش الأردن كأولوية لقياس الإنجاز، ووضع بدلاً منه أولويات أخرى خارج الحدود، وقضايا تقررها مساطر ولاءات أيديولوجية أو سياسية لا علاقة لبلدنا بها.

‏ثمة أسباب أخرى بالتأكيد، خذ مثلاً تراجع منسوب العدالة، تراجع كفاءة أداء الإدارات العامة، اتساع فجوة الثقة بين الأردنيين ومؤسساتهم، غياب الأحزاب الوطنية الممثلة للمجتمع، وكذلك النخب الموثوق بها، عدم قدرة البيروقراطية الإدارية على تطوير نفسها.

في المقابل ثمة أسباب تتعلق بالظروف والمستجدات التي طرأت في العالم والإقليم ؛ منذ عقدين -على الأقل- لم تسترح المنطقة، والأردن جزء منها، من الحروب والصراعات، أن يصمد بلدنا في ظل كل هذه العواصف إنجاز، أن ينجو من الدمار ونحافظ على حركة الدولة و قدرتها على القيام بواجباتها إنجاز كبير، أن نطالب بالمزيد من الإنجازات مسألة مشروعة، الأردنيون يستحقون أكثر مما قدم إليهم، لكن لنتذكر أن الإنصاف مطلوب، أيضاً، من الجميع.

You may also like

Leave a Comment

اخر الاخبار

الاكثر قراءة

جميع الحقوق محفوظة العموم نيوز

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00