العموم نيوز:
نهاد إسماعيل – لندن
في الاسبوع الأخير من عام 2024 تم الاعلان عن نموذج ذكاء اصطناعي جديد في الصين كمنافس لمنصات الذكاء الاصطناعي المفتوح OPEN AI وميتا وتشات جي بي تي. وبتكلفة اقل 20 مرة من النماذج والمنصات الأميركية ويستخدم رقائق ذات تكلفة منخفضة. بعد انتشار الخبر حدث ذعر وهلع في اسواق التكنولوجيا الأميركية المتقدمة وتهاوت القيمة السوقية للعديد من الشركات وعلى سبيل المثال “إنفيديا” تكبدت خسارة تقترب من 600 مليار دولار من قيمتها السوقية رغم انها استعادت جزء من الخسارة في اليوم التالي 28 يناير.
جاء هذه التطور وسط أزمة اقتصادية تتعلق بفرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب حزمة من الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك والصين وتهديدات بفرضها على الاتحاد الأوروبي.
تغيير قواعد اللعبة
“ديب سيك” الابتكار الصيني الجديد سيغير قواعد اللعبة في مجال الذكاء الاصطناعي حول العالم. هنك فوائد وايجابيات ومخاطر وسلبيات لهذا التطبيق المثير للجدل.
شركة أبل الأميركية المستفيد الأكبر بسبب قدرتها على تشغيل نماذج الذكاء الاصكناعي على اجهزتها. شركات اميركية اخرى ذات التكلفة الباهظة ستتأثر سلبا.
من ميزات ديب سيك: المجانية والمنافسة المباشرة مع تطبيقات “تشات جي بي تي”. وكذلك التأثير الكبير على الاقتصاد العالمي والاستفادة منه في تقنيات الانتاج الصناعي. وفي وسط التحديات الجيوسياسية تقول الفايننشال تايمز اللندنية ان الاختراق الذي حققته “ديب سيك” سيساعد على الاسراع بانتشار التطور التجاري وتوسيع قاعدة المستخدمين والمهتمين بالتكنولوجيا الذكية وفي الوقت ذاته ستنسف النظريات التي تقول هناك حاجة لاستثمار مليارات الدولارات لتاسيس بنية تحتية تتعلق بالتطبيقات الذكية.
التحديات القانونية والمعايير الأخلاقية والأمنية ستلعب دورا في تقليص حجم السوق المتوفر لديب سيك. دول اوروبية عديدة مثل ايطاليا وايرلندا وبريطانيا وكذلك استراليا تحذر المواطنين من استخدام هذا التطبيق. من المخاطر احتمال اساءة الاستخدام وسرقة المعلومات عن المستخدمين والبيانات التي تحتوي على معلومات حساسة. هناك من يتوقع حرب تكنولوجية باردة بين الصين والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة. رغم ان التطبيق يتمتع بقدرة فائقة على وضع حلول لمشاكل علمية معقدة ويضاهي التكنولوجيا الأميركية الا ان الهاجس الأمني يبقى مصدر قلق في الغرب. وتظهر اسئلة مثل: ماذا ستفعل الصين بالكم الهائل من المعلومات التي ستذهب للصين من خلال التطبيق؟ هل تلتزم الصين بمعايير حوكمة وشفافية واخلاقية في ممارساتها العملية مع مستخدمي التطبيق؟
من التحفظات التي تطرق لها خبراء غربيين ان تطبيق “دييب سيك” لا يقبل اي مادة تتعلق بانتقادات للحزب الشيوعي الصيني او الحكومة الصينية. وتتركز المخاوف الأميركية على احتمالية التطبيقات العسكرية. فقد فرضت البحرية الأميركية الاسبوع الماضي حظرا على استخدام هذا التطبيق.
في الخليج العربي حققت السعودية والامارات انجازات كبيرة في مجالات الاقتصاد الرقمي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وقطعت شوطا كبيرا في استخدام أحدث التقنيات المتقدمة. وترحب الامارات والسعودية بحذر في تقنية دييب سيك وتدرس امكانيات استخدام التطبيق الجديد بعد التأكد من سلامة وجدارة و كفاءة دييب سيك. ومن المتوقع ان يتم الاعلان عن اتفاقات تعاون جديدة بين دول خليجية وشركات عالمية على نطاق اقليمي او على مستوى عالمي.
وينظر للتكنولوجيا المتعلقة بالذكاء الاصطناعي كأولوية هامة استثمارية سيادية.
وفي السياق يجب الاشارة الى مؤتمر هام يعقد هذا الاسبوع في ابو ظبي وحسب الاعلام المحلي “شهد معرض “عالم الذكاء الاصطناعي 2025”، الذي أقيم من 4 إلى 6 فبراير في أبوظبي ودبي، مشاركة واسعة من قادة وخبراء الذكاء الاصطناعي لمناقشة التحولات المتسارعة في المجال، في ظل مشاريع ضخمة مثل “ستارغيت” بقيمة 500 مليار دولار، وصعود “ديب سيك” المفاجئ، مما يعيد رسم خريطة القوى التكنولوجية العالمية.
لا شك ان الاهتمام العالمي بالتطبيق الصيني الجديد سيؤدي الى مطالب بتشديد معايير الأمن والخصوصية وعدم سؤ الاستخدام وايضا المطالبة بقوانين عالمية جديد تتعلق بحقوق الملكية وحماية المعلومات والبيانات ومنع نشر الأخبار المضللة والتجسس. ومن الصعب التنبؤ من التطورات التي ستتبع في الشهور المقبلة. ولكن دول الخليج كغيرها من دول العالم ستتعامل بحذر شديد مع التقنيات الجديدة ولديها الخيرة والتجارب في مجال الذكاء الاصطناعي.
وفي تطور حديث الخميس السادس من فبراير الحالي وحسب وسائل الاعلام “تقدم اثنان من المشرعين الأمريكيين بمشروع قانون لحظر تطبيق ديب سيك DeepSeek الصيني من الأجهزة الحكومية الأمريكية، بناء على مخاوف أمنية، قد تؤدي إلى توفير معلومات المستخدمين للحكومة الصينية، وهي ذات المبررات التي تم بموجبها حظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، قبل إرجاء تنفيذ القرار بأمر الرئيس دونالد ترامب.”
واشتهرت شركة DeepSeek، وهي شركة صينية جديدة تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي الشهر الماضي، مع إطلاق برنامجه للذكاء الاصطناعي، والذي يضارع برامج أمريكية رائدة مثل شات جي بي تي، وأصبح برنامج الدردشة الآلي الخاص بالشركة هو التطبيق الأكثر تنزيلاً في الولايات المتحدة. كما قدمت الشركة الناشئة نماذجها مفتوحة المصدر، ما ساعد على رواجها على الفور بين المستهلكين والشركات والمطورين.
وذكر قرير لصحيفة وول ستريت جورنال، أن تطبيق chatbot تشات بوت الخاص بالشركة الصينية يحتوي على رمز مخفي عمداً يمكن أن يرسل معلومات تسجيل دخول المستخدم إلى شركة China Mobile تشاينا موبايل، وهي شركة اتصالات مملوكة للدولة تم حظرها من العمل في الولايات المتحدة، وفقاً لتحليلات خبراء مختصين في حماية البيانات والأمن السيبراني.