أكثرُ ما أثار الدّهشة، وأوقظ الأذهان؛ النهاية الدراميّة للنظام السّوريّ الذي لم يكنْ يخيّل لأحدٍ أَنْ يتداعى وينهار بهذا المشهد، فجيشُ النظام السّوريّ تقهقر دونَ أيّ قتالٍ حقيقيٍّ، فيما كان الرئيسُ السّوريّ السابق بشّار منكبًا على تحويل الأموال والثروات المتكدّسة إلى ملاذاتها الآمنة في روسيا، وما أَنْ تمكّنت قوات المعارضة من اختراق دفاعات الجيش السّوريّ المُنهارة أصلًا؛ حتّى أُعلِنْ عن هروبِ الأسد واختفاء طائراته؛ ليتبينَ لاحقًا أنّ الرّوس قد أجروا تشويشًا متعمّدًا لنظام الملاحة الجويّ حرصًا على طائرة الرئيس السوريّ من الاستهداف.
ودون الانهماك بكواليس هروب الرئيس السوريّ الذي ضلّل مساعديه بأنّه سيُلقي خطابًا للشعب السوريّ فيما كانَ يحزم حقائبه للمغادرة؛ فإنّ التساؤل يتبدّى حول لماذا يهربُ الرؤوساء أو القادة؟ وطبعًا هنالك استثناءات في التاريخ ومجرياته، فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ هنالك رؤوساء آثروا البقاء في بلدانهم رغم إدراكهم لمآلات بقائهم، ومنهم؛ الرئيس العراقيّ الأسبق صدّام حسين الذي قرر أن يتوارى؛ ليشكّل مع بقايا جيشه وحزبه نواةً للمقاومةِ العراقيّة ضدّ الاحتلال الامريكيّ، وهُنا نُعيد التساءل؛ لماذا لم يبقَ الأسد كي يذود عن نظامه ومريديه؟ لماذا اختار نفسه لا بلده؟ لماذا كانَ منشغلًا بتحويل الأموال وما خفّ وزنه وغلا ثمنه إلى حساباته في الخارج؟
يُلقي كثيرون من مؤيدي النظام السوريّ اللوم على الأسد بهروبه الذي اعتبروه مُهينًا ومُعيبًا في الوقت نفسه، وهذا ما ظهر في عدد من المقابلات التي انقلب فيها مؤيدو الأسد عليه، عازين ذلك؛ إلى هروبه بما لا ينسجم ومواقف القادة في الملّمات والظروف والتحولات، فكان -بحسب رأيهم- على الأسد أن يقاوم لا يعود القهقرى، وكان عليه بدلًا من التفكير بشخصه وبأسرته أَنْ يُفكّر بعواقب قراراته وسلوكيّاته خلال فترة حكمه، فإذا كان الأسد قد اختار الهروب فلماذا قاوم وتسبّب بما تسبّب به من دمار وتشرّد للشعب السوريّ منذ العام 2011؟