Home اختيارات رئيس التحريرمؤسسة ولي العهد… عقدٌ من الإنجاز والتأثير

مؤسسة ولي العهد… عقدٌ من الإنجاز والتأثير

د. أمجد أبو جري آل خطاب

by editor
63.7K views
A+A-
Reset

كنت نائباً في البرلمان عندما تم إقرار قانون مؤسسة ولي العهد، وقد كان لي شرف المساهمة في تمرير هذا التشريع، رغم أن بعض الزملاء حينها لم يجدوا داعياً له، إذ رأوا أن سموه يستطيع من خلال مكتبه أن يمارس أدواره المجتمعية والقيادية بكل حرية واقتدار دون الحاجة إلى إطار مؤسسي. لكن بعد مرور عقد من الزمان، يتضح أن تأسيس هذه المؤسسة لم يكن مجرد إجراء إداري، بل رؤية استراتيجية بعيدة المدى لبناء نموذج وطني متكامل في تمكين الشباب وإعادة الاعتبار لفكرة العمل العام القائم على الكفاءة والمبادرة.

خلال عشر سنوات لم تكتفِ مؤسسة ولي العهد بإطلاق المبادرات، بل أسست بنية مؤسسية راسخة تنتج اثراً ملموساً في حياة آلاف الشباب الأردنيين. يكفي أن ننظر إلى جامعة الحسين التقنية، والتي أصبحت واحدة من أبرز الجامعات على مستوى الشرق الأوسط من حيث برامجها الأكاديمية والتطبيقية، فخريجوها يدخلون سوق العمل ليس فقط بشهادة، بل بكفاءة حقيقية مبنية على تدريب عملي وتخصصات نادرة، وسدوا فجوات طالما عانى منها سوق العمل الأردني والعربي. وهذا إنجاز لا يمكن إنكاره، خصوصاً في ظل تحديات البطالة وتواضع مخرجات التعليم في كثير من المؤسسات التعليمية الأخرى.

لكن الأثر الأوسع للمؤسسة لا يتوقف عند التعليم العالي، فمن خلال برامجها المنتشرة على امتداد الوطن، أعادت المؤسسة تعريف التمكين الشبابي، ليس فقط كشعار أو ترف نظري، بل كأدوات عملية تنفذ ضمن معايير شفافة وعادلة. برامج مثل “خطى الحسين”، و”تواصل”، و”عمّان42”، ليست مجرد أسماء، بل مسارات تغيير عميق تسعى لإعداد جيل قادر على التعبير عن ذاته، ومتصالح مع قيمه، وواعٍ لدوره في صناعة المستقبل.

أما مساحة الصناع، فهي شاهد على كيف يمكن لمؤسسة غير ربحية أن توفر بيئة داعمة للمبدعين والمبتكرين عبر ورش العمل والتدريب والتشبيك مع سوق العمل بشكل يربط بين المهارة والفرصة. ومراكز التدريب المهني التي تبنتها المؤسسة أنتجت كوادر تقنية مدربة تلبي الحاجات الواقعية للسوق، وتفتح للشباب فرصاً جديدة تتجاوز التقليدي والمألوف.

لا يمكن الحديث عن مؤسسة ولي العهد دون التوقف عند منصة “نحن”، التي أصبحت حاضنة للعمل التطوعي في الأردن وأعادت للعمل التطوعي مكانته بوصفه أداة لبناء الذات والمجتمع. فمن خلال هذه المنصة، أصبح التطوع جياراً جذاباً ومؤطراً يربط بين المبادرة الفردية والمسؤولية المجتمعية.

اللافت في كل هذه الجهود أنها لا تأتي كرد فعل أو ضمن أجندات ظرفية، بل تنبع من فلسفة عميقة تؤمن بالشباب كمحور لبناء الدولة الحديثة، وتؤمن أن الاستثمار الحقيقي لا يكون فقط في البنية التحتية، بل في الإنسان القادر، المؤهل، الممكن.

قد لا يرى البعض إلا نصف الكأس الفارغ، ويتجاهلون الجزء الممتلئ، إما بدافع النقد لأجل النقد، أو بدافع ضعف الاطلاع، ولكن ما أنجزته المؤسسة في عقد من الزمن يتحدث عن نفسه، ويكفي أن نزور أحد مراكزها أو نستمع لتجربة أحد خريجي برامجها، لندرك أن هناك تحولاً حقيقياً يحدث بهدوء وفاعلية، وبعيداً عن الضجيج الإعلامي والاستعراض.

ومن هنا، لا يسعنا إلا أن نوجه تحية تقدير واعتزاز إلى سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله، وإلى جميع العاملين في هذه المؤسسة، الذين جعلوا من العمل المؤسسي نموذجاً يحتذى به، ومن تمكين الشباب مشروعاً وطنياً حياً، نلمس أثره في الحاضر، ونعول عليه في المستقبل.

 

You may also like

Leave a Comment

اخر الاخبار

الاكثر قراءة

جميع الحقوق محفوظة العموم نيوز

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00