كم قيمة الأصول التي يديرها المشاركون في “يوم الاستثمار”؟
تتجاوز 100 تريليون دولار.
كم عدد الجلسات التي تتضمنها أجندة المبادرة هذا العام؟
أكثر من 250 جلسة نقاش.
العموم نيوز- تستعد الرياض لإطلاق دورة جديدة من مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار”، في وقت يتجه فيه العالم لإعادة تعريف مسارات النمو الاقتصادي تحت تأثير التحولات التكنولوجية والتقلبات الجيوسياسية.
وتبدو المبادرة هذا العام أكثر ترقباً من أي وقت مضى، مع وعود باتفاقيات كبرى وتحالفات اقتصادية تعيد رسم خريطة رأس المال العالمي.
ويأتي انعقاد الدورة التاسعة نهاية أكتوبر 2025 ليؤكد موقع السعودية المتنامي كمحور عالمي لصياغة الرؤى الاقتصادية المستقبلية، في ظل حضور نوعي يضم قادة دول وشركات ومبتكرين من مختلف القارات، ما يجعل الرياض نقطة التقاء لأفكار الاستثمار وتوجهات الاقتصاد الجديد.
منصة الاقتصاد العالمي
وبحسب المؤتمر الصحافي الاستباقي لمبادرة مستقبل الاستثمار الذي عُقد في الرياض، بدعم من أكثر من 50 جهة محلية ودولية، وتوقعات بتوقيع اتفاقيات تتجاوز قيمتها 60 مليار دولار، تستعد العاصمة السعودية لاستضافة واحدة من أبرز الفعاليات الاقتصادية على مستوى العالم تحت شعار “مفتاح الازدهار”.
وأوضح الرئيس التنفيذي المكلف لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار، ريتشارد أتياس، أن الدورة المرتقبة ستشهد عقد عدد كبير من الصفقات عبر قطاعات متنوعة، مؤكداً أن تسارع وتيرة التحول في السعودية يمثل تجربة فريدة في إعادة بناء منظومة الاقتصاد على أسس الابتكار والاستدامة.
وأشار أتياس إلى تأكيد مشاركة نائب الرئيس الصيني، هان تشنغ، على رأس وفد رفيع يضم 6 وزراء، وهو ما يعكس -بحسب قوله- المكانة الدولية المتنامية للرياض في رسم مسارات الاستثمار العالمي.
وأكد في تصريحاته لصحيفة “الاقتصادية” السعودية، في 20 أكتوبر 2025، أن المبادرة تمثل “فرصة عظيمة” للاستثمار في السعودية، لافتاً إلى أن نجاحها لا يقتصر على جذب رؤوس الأموال بل يمتد إلى بناء نماذج جديدة في التعليم والرعاية الصحية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، التي تُعد ركيزة رئيسة في قصة النجاح السعودي.
دافوس الصحراء
ويُنتظر أن تستقطب المبادرة هذا العام ثمانية آلاف مشارك من مختلف قارات العالم، بينهم 21 رئيس دولة و40 وزيراً، إضافة إلى شخصيات اقتصادية بارزة مثل رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) الذي يحضر للمرة الأولى، وعدد من أبرز قادة الشركات العالمية من قطاعات التكنولوجيا والطاقة والاستثمار.
وتُعرف المبادرة إعلامياً بـ”دافوس الصحراء”، إذ تحولت منذ انطلاقها إلى منصة عالمية للحوار الاستثماري تجمع القادة والمبتكرين وصناع القرار لتشكيل تصورات جديدة للنمو الاقتصادي.
ويشير أتياس إلى أن دورة هذا العام ستركز على التحديات الكبرى أمام الابتكار من خلال محور “تناقضات الابتكار”، حيث تُناقش الجلسات أثر الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة على دفع عجلة التنمية، ودور السياسات الاقتصادية في مواجهة التوترات الجيوسياسية وتفاوت الموارد بين الدول.
كما تتضمن إطلاق مبادرتين جديدتين، إحداهما في الذكاء الاصطناعي، وأخرى صحية تهدف إلى تمكين الأفراد من الحصول على فحوصات طبية مجانية كل عامين، إلى جانب “قمة الأولويات” المزمع عقدها بين نوفمبر وديسمبر في طوكيو.
ووفق تصريحات أتياس، فإن الدورة التاسعة من المبادرة -التي ستُقام في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض بين 27 و30 أكتوبر 2025- ستكون نقطة التقاء بين القادة والمستثمرين والمبتكرين لتحديد حلول واقعية تدعم الاستدامة، وتُعيد تعريف مفهوم الازدهار في عالم يشهد تحولات اقتصادية متسارعة.
وتشمل أجندتها أكثر من 250 جلسة نقاش تتناول قضايا محورية أبرزها عدم المساواة في الدخل، وتحول الطاقة، ومستقبل الحوسبة الكمومية، إضافة إلى دور الشراكات بين القطاعين العام والخاص في دعم النمو المستدام.
مفتاح الازدهار
ويؤكد الكاتب والمحلل الاقتصادي، سعيد خليل العبسي، أن مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض تجاوزت كونها مجرد مؤتمر اقتصادي، إذ تحولت إلى منصة عالمية تربط رأس المال بالأفكار وتحوّل الرؤى إلى فرص استثمارية واقعية على الأرض.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن المبادرة تتميز بطابعها العملي، على عكس منتدى دافوس الذي يركز على النقاشات الفكرية، حيث يتم خلالها إبرام اتفاقيات وشراكات بمليارات الدولارات.
وأوضح العبسي أن هذا يجعلها مركزاً لتحريك الاستثمار العالمي نحو الابتكار والنمو المستدام، بدلاً من مجرد مناقشته.
ويبيّن أن المبادرة تجسد مرحلة متقدمة في تطور الدور الاقتصادي للمملكة؛ حيث إنها لم تعد مجرد ملتقى دولي للحوار بل أصبحت منصة عالمية لصياغة مستقبل الاقتصاد، تجمع القادة والمستثمرين والمبتكرين لتوجيه دفة التحول نحو آفاق أكثر ابتكاراً واستدامة.
ولفت العبسي إلى أن ما يميز هذه النسخة عن سابقاتها هو النوعية الرفيعة للمشاركين، من رؤساء دول وصناديق سيادية وشركات كبرى ومؤسسات مالية عالمية.
كما يشير إلى أن طبيعة الاتفاقيات المتوقعة، التي تجاوزت مرحلة النوايا، تعكس حجم الثقة الدولية في البيئة الاستثمارية السعودية وقدرتها على أن تكون محوراً رئيسياً لجذب رؤوس الأموال العالمية.
ويعتبر العبسي أن تخصيص يوم للاستثمار بمشاركة صناديق تدير أصولاً ضخمة يمنح المبادرة ثقلاً مالياً غير مسبوق. ويرى أن هذا يضعها في مصاف أهم الملتقيات الاقتصادية العالمية، بل ويجعلها المنافس الأقوى لمنتدى دافوس من حيث التأثير العملي في حركة الاستثمارات الدولية.
ويؤكد أن تركيز نسخة 2025 على الذكاء الاصطناعي والابتكار يعكس إدراكاً متقدماً للتحولات العميقة في الاقتصاد العالمي، لافتاً إلى أن القيمة المضافة الحقيقية أصبحت تكمن في المعرفة والتقنية والتحول الرقمي، وهي المجالات التي تتبناها المملكة كجزء من رؤيتها الشاملة.
ويختتم بالتأكيد على أن هذه المبادرة تمثل رمزاً لثقة العالم بالرياض كمركز قيادي جديد، وأنها تربط بين رأس المال والأفكار بين الشرق والغرب، وتقود حواراً عالمياً حول مستقبل الاقتصاد والاستثمار المستدام، معتبراً إياها “مفتاح الازدهار” للمملكة وللعالم.

