لم تعد التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، وعلى رأسها حديث رئيس الوزراء عن ما يسمى “رؤية إسرائيل الكبرى”، مجرّد استفزازات إعلامية؛ بل هي إعلان صريح عن مشروع توسعي يهدد سيادة الدول ويضرب في عمق الاستقرار الإقليمي. هذا الخطاب لم يعد مجرد رأي سياسي، بل خطة ممنهجة لفرض واقع جديد بالقوة، على حساب حقوق الشعوب وخرائط المنطقة.
لقد استُهلكت لغة الإدانة والشجب والاستنكار حتى فقدت أثرها، بينما تمضي إسرائيل في سياساتها دون أي اعتبار للقانون الدولي أو قرارات الأمم المتحدة ، إن اللحظة الراهنة تفرض انتقالًا حقيقيًا من رد الفعل إلى الفعل المبادر، عبر تحرك إقليمي ودولي متكامل يتجاوز حدود البيانات إلى الإجراءات الفعلية.
المطلوب الآن جبهة عربية وإقليمية موحدة تتحرك في العواصم المؤثرة وفي أروقة الأمم المتحدة، مع وقف فوري لكل أشكال التطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي، وإعادة النظر الجذرية في اتفاقيات السلام الموقعة، بما في ذلك التهديد الصريح بتجميدها أو إلغائها إذا استمرت إسرائيل في سياساتها العدوانية.
وبالتوازي، يجب التلويح بخيارات الردع العسكري المشترك بين الدول العربية المستهدفة، وإيصال رسالة واضحة بأن المساس بالسيادة أو الحدود سيواجه برد جماعي حازم، وأن الأمن الإقليمي لا يمكن أن يبقى رهينة لسياسات فرض الأمر الواقع الإسرائيلية.
إن الدفاع عن السيادة والحقوق التاريخية ليس ترفًا سياسيًا، بل هو واجب وجودي ، والتاريخ لن يرحم من اكتفى ببيانات الشجب، بينما تُرسم خرائط جديدة بالقوة، وتُكتب فصول جديدة من الاحتلال على حساب كرامة الأمة ومستقبلها.