غزة ومزيد من العنف والجرائم والإبادة، لم تعد تشرق شمس صباحاتنا إلاّ وارتكبت إسرائيل أبشع الجرائم في غزة، لتمضي لياليهم دون كهرباء لكنها مشتعلة بالقذائف والصواريخ وأخطر أنواع الأسلحة، تشتعل سماء غزة على مدار ساعات الليل بصواريخ الاحتلال الإسرائيلي تقتل وتدمر وتبيد عائلات بأكملها، تشتعل بحرائق تحرق الغزيين وهم احياء.
وما إن تبدأ ساعات الليل بطرق باب حياة الغزيين، حتى يبدأ القصف الإسرائيلي لغزة التي لم يعد بها أي بقعة آمنة، وبات مواطنوها جميعا عند إسرائيل مستهدفين، أطفالا كانوا أم نازحين، أم في مراكز إيواء أم في خيم متهالكة، لتبزغ شمس الصباح كاشفة عن عشرات الشهداء ممن قضوا نتيجة قصف إسرائيل، وجرائمها التي ترتكبها منذ أكثر من عام، تكشف الشمس إجراما لم تشهد له البشرية وجثثا لأطفال استشهدوا أو لإصابات خطيرة، أو حالات بتر لأطراف، فشمس غزة مختلفة كما ليلها، تشرق وتكشف معها ويلات ليل في ساعته دهر، وفي وجعه زمن!!!
غزة اليوم، وغدا وأمس، غزة تتألّم، ووجعها يفوق القدرات البشرية، أن يحرق الطفل وهو حي أن يحرق الشاب وهو حي، أن ترى العين جسدها وأجساد من حولها تحترق، هو إجرام لم تشهد له البشرية، يقابله قدرة على التحمّل لا يمكن وصفها من الأهل في غزة، وصمودا نادرا، غزة تتكرر مشاهدها المأساوية بآلات الحرب الإسرائيلية، دون إنسانية بل أدنى أشكال الإنسانية، إذ تمضي إسرائيل بحربها، هذه الحرب التي باتت غائبة البوصلة عشوائية الأهداف، عنوانها الدمار والإبادة.
بالأمس، وفي قول حسم، وخلال قمة عقدها جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في القاهرة، لبحث الأوضاع الخطيرة في غزة، أكد الزعماء على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بالدفع باتجاه وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، والعودة الفورية لاتفاق وقف إطلاق النار وضمان تنفيذه، واستئناف وصول المساعدات الإنسانية الكافية للحد من الأزمة المتفاقمة التي يواجهها أهالي القطاع، وهذا هو الحل الحسم يجدده ويؤكد عليه الأردن ومصر وفرنسا، خلال قمة دعا إليها الرئيس المصري تقرأ بكافة تفاصيلها أنها هامة جدا، وحسمت أي جدليات بكل ما يتعلق في غزة، إذ لا بد على المجتمع الدولي ان يحرّك ساكنه بالدفع باتجاه وقف الحرب، دون ذلك فإن واقع الحال بات خطيرا، بل أكثر.
جلالة الملك عبد الله الثاني خلال القمة، حذر «من أن استمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة يقوض كل الجهود الدبلوماسية والإنسانية المبذولة لإنهاء الأزمة، ويهدد بانزلاق المنطقة بأكملها نحو الفوضى»، هو واقع يجب النظر له بعين الاهتمام والأخذ به على محمل الكثير من الجد، استمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة تهدد انزلاق المنطقة بأكملها للفوضى، ما يجعل من وقف الحرب وايصال المساعدات للأهل في غزة، والبدء بتنفيذ برامج إعمار غزة، أمرا هاما وأساسيا وليس ترفا، فلا بد من أخذ موقف من العمل والسعي الجاد لوقف الحرب على غزة، ووقف الإجراءات أحادية الجانب من إسرائيل في الضفة الغربية، لا بد من انتزاع بيئة لتحقيق السلام، لا بد من انقاذ الأهل في غزة، من كل ما يتعرضون له ويعيشون منذ أكثر من عام، لا بد من الاستماع لصوت العقل والحكمة في الأردن ومصر والوصول لما يضمن تحقيق سلام عادل يحقق للفلسطينيين حقوهم المشروعة في إقامة دولتهم على حدود الرابع من حزيران 1967، ويضمن تحقيق الاستقرار للمنطقة بأسرها، فمن القاهرة صدح الصوت الأردني المصري أمس برسالة جديدة وأمل جديد لغزة.