لندن: محمد الطّورة
كنت شاهد عيان
في عالمنا المعاصر، يُعتبر الإعلام جزءاً لا يتجزأ من الواجهة السياسية والدبلوماسية في أي بلد. حيث يدخل الإعلامي إلى أغوار دهاليز السياسة وكواليس الدبلوماسية ليكون شاهداً ومشاركاً في سرد أحداث تؤثر على حياة الملايين. في مقالي هذا اليوم سأكتب عن واحدا من هؤلاء هو أخي وصديقي الإعلامي الأستاذ نايف الطورة ( أبو طارق ) الذي أثرى الساحة الإعلامية منذ ثمانينات القرن الماضي بخبرته الطويلة ومعلوماته القيمة في بدايات العصر الذهبي للصحافة الأردنية والعربية بجميع أشكالها وألوانها.
تعتبر مسيرة نايف الطورة الإعلامية واحدة من القصص الملهمة في عالم الصحافة الأردنية، حيث استطاع أن يوازن بين دوره كإعلامي وكسياسي، مما جعله شخصية محورية في هذا المجال. بدأ الطورة رحلته من جبال الشوبك، حيث تأثرت رؤيته وشغفه بالصحافة بالبيئة المحيطة به والتحديات التي واجهها في تلك الفترة. إذ انطلق بشكل فعّال في الكتابة على صفحات الجرائد المحلية، مقتنصاً الفرص للتعبير عن آرائه ومناقشة القضايا المهمة على الساحة الأردنية.
تعد إنجازاته في هذه الساحة بارزة، حيث كتب عن مختلف المواضيع السياسية والاجتماعية التي تمس حياة المواطن الأردني. تمكن من إثراء النقاشات العامة بكتاباته المدروسة والمحايدة، وهو ما جعله يحظى باحترام الجمهور وزملائه في مهنة الصحافة والإعلام. تنوعت المواضيع التي كان يكتب فيها من القضايا السياسية الشائكة إلى القضايا الاجتماعية المهمة، وذلك بأسلوب تحليل يتسم بالعمق والموضوعية.
بالإضافة إلى ذلك، نجح الطورة في استخدام صحيفة البلاد التي أسسها في الآردن لدعم قضايا عدة، مثل حرية التعبير وحقوق الإنسان، مما ساهم في تعزيز ثقافة الحوار في المجتمع الأردني. لقد كانت كتاباته وأحاديثة بمثابة مرآة تعكس الرأي العام، حيث اجاد وبرع في تناول المواضيع الحساسة بلغة ومهنية عالية، مع الحرص على تقديم معلومات موثوقة ودقيقة. وبهذا، أرسى دعائم الثقة بينه وبين جمهوره، مما يجعله أحد الأسماء البارزة في عالم الإعلام والسياسة في الأردن.
مثّل أبو طارق نموذجًا بارزًا للشجاعة الأدبية في التعامل مع القضايا السياسية في الأردن. إن تعبيره عن آرائه القوية حول مختلف الأحداث السياسية لم يكن مجرد نشاط إعلامي، بل كان تجسيدًا للإلتزام الوطني من خلال النقاشات الجادة والانتقادات البناءة. يتميز أسلوبه بالوضوح والشمولية، حيث كان يقدم معلومات موثوقة لتحليل الوضع السياسي ويتناول المواضيع من جميع جوانبها الهامة.
تضمنت جرأته في التعبير عن آرائه مراجعة نقدية للسياسات الحكومية، لكنها دافعت أيضًا عن منجزات الوطن ومكتسباته. فهو يؤكد على ضرورة تقديم انتقادات صادقة تعكس مصالح الشعب وقضاياه الحيوية، مما جعله صوتًا معبرًا عن آمال وتطلعات المواطنين ومحط تقدير عند أصحاب القرار. غالبًا ما يستخدم أسلوبه الأدبي كأداة للتأثير، حيث يمزج بين التحليل العلمي والمعالجة الأدبية ليصل إلى جمهور واسع.
تعد عودة أبو طارق إلى الأردن والترحيب به بدعوة كريمة من أصحاب القرار نقطة تحوّل محورية في حياته، حيث تحمل هذه التجربة معها الكثير من المشاعر المتنوعة. لحظة الوصول إلى الوطن كانت مليئة بالشوق والحنين، إذ تذكر الطورة جبال الشوبك التي نشأ فيها وأجواءها الفريدة. كانت هذه العودة بمثابة فرح وارتباط عميق بالجذور، حيث شعر بالأمان والراحة في وطنه.
على الصعيد الشخصي، ساهمت عودته إلى الأردن في إعادة بناء علاقاته مع الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل. تشير تجاربه إلى أهمية الروابط الإنسانية في تعزيز استقراره النفسي والمهني. إذ كان اللقاء مع الأصدقاء القدامى كفيلًا بإحياء الذكريات المشتركة، مما أضفى روحًا جديدة على حياته الاجتماعية. هذه العلاقات العميقة تبين كيف أن دعم المجتمع يمكن أن يكون إحدى العوامل المهمة في مسيرة الشخص، خاصةً عند العودة إلى الوطن بعد غياب طويل.
أما فيما يتعلق بالتأثيرات المهنية، فقد سجلت عودة الطورة استجابة مجتمعية كبيرة، إذ استقبله الجمهور المحلي بحفاوة. في ظل الظروف السياسية الحالية، كان هناك اهتمام كبير بعودته وبشخصيتة ، التي كانت حاضرة في المشهد الإعلامي والسياسي على الدوام ودون إنقطاع. هذا الاستقبال شكّل دلالة على مدى احترام المجتمع له وتقديرهم لتجربته، مما عزز موقفه كإعلامي وصوت ثقة للوطن. في ضوء هذه التجارب، يمكن القول إن عودته كانت بمثابة بداية جديدة لرحلة مهنية تتجلى فيها الرغبة في تحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع الأردني.
من ناحيه شخصية كانت تجربة مرافقة أبو طارق، بالنسبة لي خلال عودته إلى الأردن لحظة استثنائية لا تُنسى. فعندما تشرفت بمهمة مرافقته، ملأتني مشاعر الفخر والشغف، إذ لم يكن مجرد شخص عادي بالنسبة لي ، بل أخ وصديق ورمز من رموز الوطن وقصة مليئة بالتحديات والإنجازات في مجال الإعلام أسمه كان يتردد على لسان الناس .
في هذه الأوقات من الانتظار والترقب، لاحظت التأثر الكبير الذي كان يسود المكان. بدت معنوياته أبو طارق مرتفعة وهو ينزل من سلم الطائرة في مطار الملكة علياء الدولي في عمان وكانت ابتسامته تعكس السعادة التي غمرته بعد فترة غياب طويلة.
خلال تلك اللحظات، أدركت كم هو مهم ومفرح أن يكون الأنسان في وطنه بين أهله ومحبيه .هذه اللحظات كانت بمثابة درس قيم حول العلاقات الإنسانية والتواصل الروحي مع من نحبهم ونحترمهم. لقد كانت كبيرة ومؤثرة، إذ لمحت في عيني أبو طارق حماس العودة والاستعداد لمواصلة مسيرة العطاء من داخل أرض الوطن الذي أحبه ،مما أتاح لي فرصة لتقدير جميع أنواع الجهود الكبيرة التي بذلت من أجل تسهيل عودته لإرض الوطن التي شاهدتها بأم عيني.
كانت لحظة الوصول مؤثرة، حيث ألقى الأخ نايف كلمة ارتجالية تعكس عمق ارتباطه بوطنه الأردن وحبه لشعبه ومواطنيه، وذلك خلال عودته إلى الديار التي طالما انتظرها. عبرت كلمته عن الفرح العظيم الذي يشعر به بعودته إلى وطنه، حيث قال: “لا شيء يمكن أن يعبر عن سعادتي بعودتي إلى الأردن”. تميزت كلمته بالود والتفاؤل، مما زاد من تفاعل الحضور الذين استقبلوه بحفاوة كبيرة.
أشاد الأخ نايف بتسامح جلالة الملك عبدالله الثاني مؤكداً أن التسامح من شيم الكبار ولا يقدر عليه إلا الأقوياء. والذي يعكس القيم الأصيلة التي يحملها الشعب الأردني وقيادته الهاشمية، مما عزز من الوحدة الوطنية ويعبر عن العمق التاريخي للروابط بين الأفراد ووطنهم وقيادتهم . كان التركيز في كلمته أيضاً على دور بعض مؤسسات الدولة في تسهيل إجراءات إستقباله .
كأعلامي محب لوطنه لم ينس الأخ نايف التأكيد على أهمية العمل من أجل بناء مستقبل أفضل للأردن. وقد أشار إلى أن التحديات التي تواجه الوطن تتطلب تضافر الجهود والتكاتف بين جميع الأردنيين، لضمان الحفاظ على المكتسبات التي تحققت في الوطن وللعمل نحو تحقيق رؤى جديدة. لقد نادت كلمته إلى تعزيز الحوار والتعاون بين جميع أفراد المجتمع الأردني في الداخل والخارج، وأكدت على قيمة التسامح والتعامل الإيجابي بين الدولة ومواطنيها في سبيل مواجهة التحديات.
هذا الحماس والشغف الذي أظهره الأخ نايف في كلمته، يعكس بما لا يدعو للشك روح الأردنيين في العطاء والبناء، مما يجعل عودته لحظة مميزة تضاف إلى فصول تاريخ الأردن المعاصر في التسامح والمحبة تحت حكم الهاشمين بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
ن من خلال عمله في مجموعة من وسائل الاعلام الشهيرة في الولايات المتحدة، تمكن أبو طارق من التعامل مع قضايا سياسية واقتصادية متنوعة، مما ساعده في تشكيل رؤية متكاملة حول تأثير تلك القضايا على العالم العربي.
بفضل تجاربه الواسعة، وعمله في هيئة الأمم المتحده في المجال الأعلامي أصبح لديه قدرة فريدة على استشراف الاتجاهات المستقبلية والظواهر الاجتماعية، مما جعله محللًا مدعوًا في العديد من الفعاليات والسياسات.
كما وسعى دائمًا إلى تعزيز الحوار الهادف البناء، مستفيدًا من خلفيته الإعلامية لتعزيز الفهم المتبادل وإيجاد سبل لتسوية النزاعات. وعبر نشاطاته العديدة، تمكَّن من بناء علاقات قوية مع العديد من القادة السياسين والإعلاميين العرب والأجانب في الولايات المتحدة الأمريكية ودوائر صنع القرار فيها، مما زاد من تأثيره في الساحة السياسية والإعلامية.التي أستثمرها لصالح الدفاع عن الأردن ودعم قضاياه بشكل كبير لدى مراكز صنع القرار المهمة في امريكا
تشكل تجارب نايف الطورة دليلًا ملموسًا على كيفية الاستفادة من المعرفة الإعلامية في مجال الاستشارات السياسية والاجتماعية. إن كفاءته في التعبير عن القضايا الحيوية وفهم الديناميكيات المعقدة للسياسة والإعلام تسهم بشكل كبير في تعزيز دوره كمستشار موثوق لأصحاب القرار في المنطقة.
في الوقت نفسه لا يمكن إغفال دور نايف الطورة كخبير سياسي ومتحدث بارع. حينما كان يتحدث، يستمع الجميع. استخدم مهاراته الإعلامية وحجته في الأقناع وبلاغته في الحديث لتوضيح القضايا الساخنة وتحليل الأوضاع في المنطقة وأنعكاساتها على الوضع في الآردن. ساهمت آراؤه في توجيه النقاشات العامة وتسليط الضوء على القضايا الحيوية التي تهم المواطنين. إن تأثيره في هذا المجال يعد نموذجاً يُحتذى به في كيفية دمج الإعلام بالسياسة لما فيه صالح الوطن.
ختاماً لا بد من القول إن الأخ نايف محاور بارع يعتبر من الشخصيات المؤثرة في الساحة الأردنية. فهو يتمتع بقدرة عالية على إقناع الآخرين وأثره يمتد إلى تفاصيل متعددة في أمور كبيرة وكثيرة. إن فهم صفات شخصية أبو طارق وقدرته على الحوار يمكن أن تشكل أداة فعالة يستفاد منها من قبل مؤسسات الدولة في التواصل مع أبناء الوطن في الداخل والخارج .
حمى الله الأردن وشعبه وقيادته الهاشمية.