هل جربنا يومًا أن نكسر جمود الطاولات الرسمية البنية الثقيلة وقراراتها البطيئة؟ أن نرى وزراءنا يتحدثون بلغة المستقبل بدلًا من لغة الأرشيف؟ نحن بحاجة إلى مجلس وزراء… مجنون.
مجنون بالمعنى الإيجابي، لا ذاك الذي يتخبط بلا بوصلة، بل المجلس الذي يتحلّى بالشجاعة الكافية للتفكير خارج الصناديق، بل ولابتكار صناديق جديدة تكسر القيود المترسخة في ذهنية البيروقراطية. إنه المجلس الذي لا يخشى الخطأ، لأنه يدرك أن الجمود هو الخطأ الأكبر، وأن المجازفة المحسوبة هي الطريق الوحيد إلى التقدم.
تخيّل مجلسًا يناقش الذكاء الاصطناعي بالجدية نفسها التي يناقش بها الموازنة، يضع البصائر السلوكية في صميم السياسات، ويجعل من “تصفير البيروقراطية” هدفًا استراتيجيًا لا شعارًا موسميًا. مجلس يرى في الأزمات منصات للابتكار لا كوارث للتبرير، ويستبدل الاجتماعات الرتيبة بورش عمل حيوية تُنتج قرارات سريعة ورشيقة.
لقد أصبحت الأزمات اليوم القاعدة لا الاستثناء، وهنا يتجلى جوهر القيادة الجديدة: القدرة على تحويل كل أزمة إلى فرصة، وكل تحدٍ إلى منصة للتجديد والابتكار.
مجلس وزراء مجنون هو مجلس يعترف أن العالم يركض بسرعة، وأن المواطن لم يعد ينتظر التوجيهات الورقية. مجلس يقرر أن يخاطب الناس عبر قنواتهم الطبيعية، أن يتفاعل معهم رقميًا بشفافية، وأن يعيد تعريف دوره كخادم للمستقبل لا كحارس للماضي.
قد يبتسم البعض ساخرًا من الفكرة، لكن الحقيقة أن التاريخ لا يتذكر المجالس الرتيبة، بل تلك التي امتلكت جرأة “الجنون الخلّاق”. فلنمتلك نحن أيضًا شجاعة الحلم بمجلس وزراء مجنون؛ مجلس لا تقيّده العقلانية الباردة، بل يقوده الخيال الجريء، ويستند إلى الاستشراف العميق، ويبتكر الحلول، ويتحرك برشاقة لمواكبة زمن يتغير بسرعة خاطفة.
واليوم، لم يعد الحلم خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة وجودية. فإما أن نعيد تشكيل مجالس وزرائنا لتصبح مجالس استشراف وابتكار ومرونة، أو نرضى بأن نظل عالقين في هوامش التاريخ. الخيار واضح، والوقت يركض، والمستقبل لا ينتظر المترددين.

