واقع جديد في العام الجديد ..حديث عن الأدب والسياسة .

مترعة الشهور الفائتة بالدم على يد صناع الشر ..،وممتلئة صالونات السياسة والأدب بالمثاليين الأخيار ، والدجالين الأشرار ..وثمة مساحة فيها الإيمان ، والإلحاد ..يقابلها مساحة فيها من قوة الحلم ما يكفي لأن يكون العالم أكثر أمنا ..أكثر قداسة .

في منطقتنا العربية هوية جامعة للتاريخ والجغرافيا واللغة والتراث والموروث ..هوية جامعة للصلاة لإله واحد ..،فالدين وإن أختلفت كتبه ،فأنه يدعو لرب واحد ..وعلى الرغم من تعدد المزايا الجامعة للجغرافيا العربية عبر كل أزمنتها ، غير ان التاريخ الحديث أخطأ مرات عديدة في كتابة سطور “الحكاية العربية” وتخطى التاريخ ذاته حواجز كنا نظن إنها عصية على النجاح في أي محاولة للقفز ..كنا نظن ان التاريخ هو إنعكاس لضمير مسار الأحداث عبر مسيرة الزمن ..! هل خابت ظنوننا ، أم فشلنا في كتابة التاريخ على نحو أفضل ، وصراحة أكثر ، وواقعية أكثر .؟!

 لا ..،لم نفشل ابدا ، لكن الرؤى خالفت الواقع ، وثمة من وظف ذكاءه لكتابة التاريخ بشكل مختلف لا يليق بمسار عربيتنا وهويتنا وصبرنا وسعة صدورنا ..ومحبتنا لمسار الإنسانية ..إنسانية ليس مهما فيها المعتقد ، أو اللغة ، أو الفكر أو حتى الدين..إنسانية كونية تجمعنا على المحبة ، وبها نتصدى للجائحات ، ونكفكف وجع النائحات ، ونعمق الحس ليكون بريق لغتنا الإنسانية وإن أختلفت لكنتها ،ولهجتها ، وعدد حروفها الجامعة الهادفة للإرتواء من بئر الإنسانية وماءه المقدس ..لكن .؟!

الذي يستبيح أرض الغير ، وعرض الغير ، ومقدرات الغير ، هو بلا إدنى شكك سارق ومجرم ومحتل ..ففي العام المنصرم 2024 كانت شياطين الإحتلال إكثر شرا ، وأكثر قتلا ، وبارعة في الإنحدار والسقوط الأخلاقي والسياسي والإنساني ..بارعة في إبتكار أساليب للجريمة ..فنظرة الى مستشفى كمال عدوان في غزة تكفي لإن نجمع كل الأدلة أن الإحتلال مجرم حرب ..فزحف الخطر الإسرائيلي الإحتلالي لم يقتصر على غزة فحسب ، ولا على مدن فلسطين في الضفة..ما فعله الإحتلال الاسرائيلي على مدى السنة الفائتة وآواخر عام 2023 عكس عمق الجريمة بحق الإنسانية جمعاء ..فالجريمة التي تشرش في شريايين الاحتلال غرزت أصابعها بأجساد ألاطفال في غزة ..وفيعت الكلاب لنهش جثث الشهداء والموتى ..وأرخت لمسامير الموت الزناد لقتل عشوائي يشمل الجميع ..المشهد برمته يستعصي على الخيال البشري ..هي أكبر من جريمة ، وأكثر من إنحطاط ، وأوسع إتساخا من سقط المتاع ..هو شر مستفحل يسكن في دواخلهم ضد الأرض والإنسان ..ضد فلسطين .

كل منا يعرف مثلا أن للحرب أخلاق ، ولها فروسية الشهامة حتى مع “العدو” ..فلا العرب في تاربخها جوعت خصومها ، ولا عطشتها ، ولا نكلت بأطفال الخصوم ، ولم تعري رجالهم ،أو تصفع نسائهم ..حتى أبو جهل ما قبل الإسلام رفض الغدر ..إنها أخلاق العرب .

الأسرائليون بساستهم المجرمين ، لم يفهموا هذه المعادلة ولن بفهموها ..فطيلة العام المنصرم مارسوا كل إنواع الغدر والقتل الممنهج والمبرمج والخطف ..فما أبشع التاريخ حين يغفل ان “الروب الأبيض واجه دبابة” وهنا أقصد مدير مستشفى كمال عدوان المختطف حاليا من قبل العدو ..

العام الماضي ، هو الأكثر دموية ، والأعتى تدميرا وتنكيلا ..والأوسع في دوائر الحقد الصهيوني على كل القيم الإنسانية..والعام الفائت ، خذلنا بكل أيامه ودمه من صمت عربي ودولي مخيف ..خذلنا العام الماضي حتى في بارقة أمل واحدة تخرجنا من دوائر التقصير مع اهلنا في غزة ..كان العام الماضي مجرد خييات عربية بإمتياز ..

في العام الجديد ، سيسجل التاريخ لا شك كل ما حدث ..، وفيه قد لا تتغير مواقفنا كعرب ، سنبقي على ذات الديباجة في الشجب والإدانة والإستنكار ..

فالقرائن تشير بوضوح تام وجهة “اللوكيشن ” السياسي وهو يردد :”تابع المسير بخط مستقيم” ..هو عام النهش الاسرائيلي بالجغرافيا العربية ..هو عام خشن الملمس واكثر وعورة ..ربما ، سيكون عام الردة الإنسانية بإمتياز ..لا جديد سوى : القهر الذي يليق بصمتنا ..!!