تخبّط المعلومات، وعشوائية تبادلها دون الاعتماد على مصادر موثوقة، والأهم مصادر صاحبة المرجعية الرئيسية بأيّ من المواضيع التي يتم تبادل المعلومات بشأنها، ما يجعل من المشهد المعلوماتي محاطا بشائعات، حدّ الأكاذيب في الكثير من الأحيان، نتيجة اجتهادات البعض أو سعي آخرين لجمع مشاهدات ومتابعات بالمئات، أو جمع عدد من «إشارات الإعجاب» على ما ينشرون، متناسين تماما أن في انتشار ما ينشرون سلبيات كثيرة.
يلجأ البعض لتداول معلومات مغلوطة من ألفها إلى يائها، ليتبع انتشارها ردود فعل سلبية وانفعالية، في حين أن أساس ما تم نشره وانتشاره عار عن الصحة، ومجرد فرضيات وأكاذيب وإشاعات، وما بين بثها وصدور المعلومات الصحيحة من مصادرها الرئيسية، يشهد الشارع المحلي عواصف نقد وردود فعل سلبية ومعارضات لقرار أو موضوع أو حدث، وكل ذلك يُبنى على أساس معلومات خاطئة وربما كاذبة، وربما خلفها أجندات تريد أن تعبث في الشارع المحلي، وتخلق بلبلة.
والغريب أن هذه الأصوات النشاز، في حال خرج من يدافع عن قرار معين، أو ينادي بانتظار التوضيحات الرسمية وتفاصيلها، أو يطلب عدم الانجرار خلف الإشاعات، يجد أمامه طوفانا من الانتقادات، والهجوم الشرس عليه، والبحث عن مسميات لإطلاقها عليها وأوصاف، على الرغم من قناعتهم بأن ما يتحدثون به لا يستند على أي معلومة رسمية أو صحيحة، ما يجعل من مواجهة هذه الحالة مهمّة صعبة على الرغم من أنها مسؤوليتنا جميعا أن نواجه ونمنع انتشارها، والاتكاء عليها كبديل عملي للمعلومات المهنية التي تتسم بالمصداقية..
إذا ما تحدثنا عن الفترة الماضية، نقف على عشرات المعلومات الخاطئة التي انتشرت وكان أحدثها أمس الأول حقيقة ضريبة الأبنية والأراضي، فبمجرد نشر مسودة بعض بنود مشروع قانون العقار، انتشرت اشاعات وأخبار أقل ما توصف به أنها مضللة، وتصريحات تعصف عصفا بكلمات ومفردات استجمع أصحابها ما يملكون من مخزون معان ومفردات وجُمل، وبدأت ردود الأفعال تتسابق في المعارضة والرفض وعدم الرضا والقلق، وبقيت الصورة على هذا النحو السلبي حتى خرجت الجهات الحكومية المختصة لتؤكد أن كل ما أثير خاطئ، متحدثة عن الحقيقة كاملة وغايات مسودة مشروع القانون، بوضوح ودون مداراة أو تغليف لأيّ من التفاصيل، وأن ما سيحدث هو نقلة نوعية لها الكثير من الإيجابيات وليس كما تم إشاعته.
وتبيّنوا، هذا هو المطلوب في أي معلومة يتم تداولها، تحديدا في قرارات مفصلية وهامة، وفي أحداث استثنائية ودقيقة، حتى نبتعد عن المساحات الرمادية، أو حتى السوداء في تبادل معلومات خاطئة ونشرها والأخطر انتشارها، والاعتماد على مصادر المعلومة الرسمية، في ظل سعي حكومي واضح بتوفير المعلومات وعدم احتكارها، أو منعها، بل على العكس بمجرد صدور أي قرار أو اتخاذ إي إجراء، سرعان ما يتم شرحه، ووضع تفاصيله كاملة أمام المواطنين، وفي ذلك حسم للباحثين عن المعلومات، فلا بد من استقائها من مصادرها ومن وسائل الإعلام المهني الذي يتمتع بالمصداقية، وكما أسلفت المطلوب الانتظار لفهم الحقائق من مصادرها، عندها يتم اتخاذ أي ردة فعل مع أو ضد، على أن تكون مبنية على معلومات صحيحة وحقيقية.
بقاء واقع انتشار المعلومات ونشرها دون الاعتماد على معلومات رسمية من مصادرها، مسألة يجب الأخذ بها محمل الرفض، فلا بد من وضع أسس واضحة لنشر المعلومات كاملة وغير منقوصة، ومواجهة من يقف خلف الأكاذيب والإشاعات، ونشر فرضيات غير موجودة إلاّ في أذهانهم وعلى أجنداتهم، وهذه مسؤوليتنا جميعا، نبدأها بعدم المساهمة في نشر إشاعاتهم، وفي سعينا على اعتماد مصادر رسمية ومعلومات كاملة لأي خبر أو حدث ننشره ونساهم بانتشاره.