العموم نيوز:
استأنفت إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد قرار أصدره، أمس الخميس، قاض فدرالي بمنعها -مؤقتا- من تنفيذ أمر يحد من الحق في الحصول على الجنسية بالولادة تلقائيا في الولايات المتحدة. ووصف القاضي القرار بأنه “مخالف للدستور على نحو صارخ”.
وكان ترامب قد وقع أمرا تنفيذيا -اليوم الأول بعهدته الرئاسية الثانية- يمنع بمقتضاه منح الجنسية تلقائيا لأبناء المهاجرين غير النظاميين أو الزائرين للولايات المتحدة، وهو حق يضمنه الدستور وأكدته المحكمة العليا منذ أكثر من 125 عاما.
وأصدر جون كوفينور، وهو قاض جمهوري عُين في عهد الرئيس الجمهوري السابق رونالد ريغان، حكما يوقف تنفيذ الأمر لمدة 14 يوما بناء على طلب 4 ولايات يقودها حكام ديمقراطيون.
وطبقا للدستور، فإنه من حق أي طفل يولد على الأراضي الأميركية أن يحصل على الجنسية بغض النظر عن جنسية والديه أو طريقة دخولهما البلاد. ويرجع تاريخ حق منح من يولد على الأراضي الأميركية الجنسية إلى عام 1898 بقرار من المحكمة العليا.
وقد أقر الكونغرس هذا الحق في التعديل رقم 14 من الدستور. ومنذ ذلك الوقت تشهد الساحة السياسية الأميركية بين الحين والآخر محاولات لإعادة النظر في هذا التعديل لكنها باءت جميعا بالفشل.
الجزيرة نت تستعرض -في سؤال وجواب- حيثيات قرار ترامب، وأهدافه، وماذا يعني، والتحديات التي قد تعرقل تطبيقه.
القاضي جون كوفينور: الأمر التنفيذي للرئيس ترامب بإنهاء حق المواطنة بالولادة غير دستوري (رويترز)
ماذا يقول الأمر التنفيذي للرئيس الأميركي؟
يحاول الأمر التنفيذي الذي تم توقيعه، الاثنين الماضي، وقف منح الجنسية للأطفال المولودين في الولايات المتحدة بدون أن يكون أحد الوالدين -على الأقل- مقيما دائما شرعيا أو مواطنا أميركيا، وكذلك وقف منح الجنسية تلقائيا لأبناء المهاجرين غير الشرعيين، والزوار ممن لديهم تأشيرات سياحية مؤقتة، والطلاب الأجانب ممن يدرسون في الجامعات الأميركية.
كما أنه يمنع الوكالات الفدرالية من إصدار أو الاعتراف بالوثائق التي تثبت جنسية هؤلاء الأطفال الأميركية.
ما حجج القاضي في رفض قرار ترامب؟
يقول القاضي إن هذا الأمر “مخالف للدستور على نحو صارخ”. ويعد قرار المحكمة أول انتكاسة للرئيس ترامب في محاولته قلب قوانين الهجرة وعكس عقود من السوابق.
وطالما فسرت السوابق القانونية التعديل الـ14 بأن “جميع الأشخاص المولودين أو المتجنسين في الولايات المتحدة، والخاضعين لولايتها القضائية، هم مواطنون بالولايات المتحدة”. وهذا ينطبق على كل طفل يولد بالولايات المتحدة، مع استثناءات محدودة قليلة كأطفال الدبلوماسيين الأجانب المعتمدين.
كيف ردت إدارة الرئيس الأميركي على هذا القرار؟
قال بريت شومات، محامي الحكومة الفدرالية، إن أمر الإدارة بشأن حق المواطنة المكتسبة كان دستوريا “تماما”. وأوضح نيابة عن إدارة ترامب أن المهاجرين غير النظاميين “لا يزالون خاضعين لقوة أجنبية” وبالتالي “ليس لديهم ولاء للولايات المتحدة”.
وبعد الحكم، وعدت وزارة العدل بالدفاع عن الأمر التنفيذي للرئيس ترامب بشأن حق المواطنة المكتسبة أمام المحاكم. وقررت الإدارة الاستئناف ضد القرار.
ترمب يتعهد بإلغاء الحق القانوني في منح الجنسية الأمريكية بالولادة.. فهل يمكنه تغيير الدستور من أجل ذلك؟ #فيديو_رقمي #ترمب
ماذا يقول ترامب فيما يتعلق بهذه الحق؟
منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض تعالت أصوات في أنحاء عدة من الولايات المتحدة مطالبة بإلغاء التعديل الدستوري رقم 14، والذي يقضى بمنح الجنسية تلقائيا لأي طفل يولد داخل الحدود الأميركية.
كما انتقد الرئيس ترامب هذه الممارسة وهدد بإنهائها منذ فترة حكمه الأولى بين عامي 2017-2021.
وذكر أن من حقه إصدار أمر تنفيذي بإيقاف حق الحصول على الجنسية للأطفال المولودين بالولايات المتحدة لأبوين غير أميركيين، قائلا إن مستشاريه أكدوا له أن إصدار مثل هذا الإجراء يندرج تحت سلطات رئيس الدولة.
وصرح ترامب قائلا “من السخيف أن يأتي شخص لأميركا وينجب طفلا فيحصل الأخير على الجنسية بكل ما تنطوي عليه من امتيازات”.
ماذا يقول الدستور عن حق اكتساب الجنسية بالميلاد؟
تحدد الجملة الأولى من التعديل الـ14 للدستور مبدأ “حق المواطنة عند الولادة” إذ يقول نصها “جميع الأشخاص المولودين أو المتجنسين بالولايات المتحدة، والخاضعين لولايتها القضائية، مواطنون في الولايات المتحدة والولاية التي يقيمون فيها”.
في أي سياق تاريخي حدد الدستور هذا الحق؟
بدأ هذا الخلاف الدستوري قبل الحرب الأهلية (1860-1865) بقرار في قضية دريد سكوت (أميركي من أصل أفريقي) ضد ساندفورد (سيّده الأبيض) الصادر عن المحكمة العليا عام 1857، والذي حرم الأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي من الجنسية، حتى لو لم يكونوا مستعبدين.
وجاء في الحكم “الزنجي الحر من العرق الأفريقي، الذي تم إحضار أسلافه إلى هذا البلد وبيعهم كعبيد، ليس مواطنا بالمعنى المقصود في دستور الولايات المتحدة”.
وبعد الحرب، تم إلغاء هذا القانون من خلال الجملة الأولى من التعديل الـ14، التي تم التصديق عليها عام 1868. وكان العرق هو بيت القصيد وخاصة السود الأفارقة، حيث تم منحهم نفس حقوق البيض.
لماذا يصمم ترامب على منع التجنس بالميلاد؟
اعتبر الكاتب يوجين روبنسون بصحيفة واشنطن بوست أن قرار ترامب يبعث برسالة واضحة تدل على عنصرية الرئيس، ويكشف أنه يريد فقط أشخاصا معينين في الولايات المتحدة.
وحسب الكاتب فقد ألغى الدستور والمحكمة العليا والكونغرس العرق من مسألة من يستحق أن يكون مواطنا أميركيا ومن لا يستحق، وترامب يريد تجاوز كل ذلك، كما يقول روبنسون.
هل تسمح الدول الأخرى بمنح جنسيتها بمجرد الولادة؟
نعم، هناك ما يقرب من 30 دولة تمنح هذه الحق في جنسيتها بمجرد الولادة، على عكس ما يدعيه ترامب الذي يكرر قول “علينا أن ننهيها، نحن الدولة الوحيدة التي تطبقها”.
وتقع أغلب تلك الدول في أميركا الوسطى وأميركا الجنوبية، إضافة لكندا والمكسيك، ومن أكبر تلك الدول البرازيل والأرجنتين وكولومبيا وفنزويلا.
وفي حالات أخرى، تسمح دول مثل بريطانيا وأستراليا بنسخة معدلة حيث يتم منح الجنسية تلقائيا إذا كان أحد الوالدين مواطنا أو مقيما دائما.
كم عدد الأطفال الذين حصلوا على الجنسية بالولادة لعائلات غير أميركية؟
من الصعب تقدير الرقم بدقة، لكن وفقا لمركز بيو للأبحاث، ولد حوالي ربع مليون طفل لأبوين مهاجرين غير نظاميين بالولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، وبحلول عام 2022 كان هناك 1.2 مليون طفل أميركي ولدوا لأبوين ليسوا مواطنين أو من حاملي البطاقة الخضراء (غرين كارد).
كما لا توجد أرقام مؤكدة حول عدد الأجنبيات اللائي يسافرن إلى الولايات المتحدة خصيصا للولادة، وتقدر بعض التقارير أعدادهن بما يقرب من 40 ألف حالة سنويا.
ما موقف الأميركيين من هذه القضية؟
لا يحظى سعي ترامب لإنهاء منح الجنسية بالميلاد بشعبية كبيرة بين الأميركيين، وأظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة أسوشيتد برس، الشهر الماضي، موافقة 30% من الأميركيين على إجراء تعديل دستوري بحيث لا يتم منح الأطفال المولودين بالولايات المتحدة الجنسية تلقائيا إذا كان آباؤهم مقيمين بشكل غير قانوني.
ما انعكاسات هذا الحق على عائلات الأطفال المولودين بأميركا؟
يجوز من خلال هذا الحق أن يحصل على الجنسية ابن أو ابنة لأسرة مقيمة بصورة غير شرعية في الولايات المتحدة، في الوقت الذي لا يستطيع الوالدان رسميا الحصول على أي أوراق أو وثائق حكومية مثل رخصة القيادة أو بطاقة الهوية.