خلال أول مناظرة بين الاشتراكي أولاف شولتس والمحافظ فريديرش ميرتس، على منصب المستشار، أظهرت نتائج استطلاع بتقدم المستشار الألماني. بيد أن مراقبين ومواقع إعلامية شككت في تأثير هذه المناظرة على نتائج الانتخابات القادمة.
أظهر استطلاع للرأي أجرته مجموعة أبحاث الأحد (10 فبراير/ شباط 2024)، أن المستشار الألماني من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أولاف شولتس، فاز بفارق ضئيل في مناظرته التلفزيونية ضد منافسه فريدريش ميرتس من حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي المحافظ.
فوفقا لاستطلاع أجرته مجموعة “فورشونغس غروب” للأبحاث، فإن 37 بالمائة من المستطلعة آراؤهم، منحوا الأفضلية لشولتس، بينما حصل منافسه المحافظ مريرتس على 29 بالمائة فقط.
في المقابل لم ير 34 بالمائة أي فرق بين المتنافسين على مقعد المستشارية في الانتخابات التشريعية القادمة المزمع إجراؤها في الـ 23 من الشهرالجاري.
وبحسب الاستطلاع، بدا شولتس أيضا أكثر مصداقية لدى 42 بالمائة، وأكثر قبولا لدى 46 بالمائة. في المقابل حصل ميرتس على نسبة 31 من المائة لصفة المصداقية، و27 بالمائة بما يتعلق القبول.
أما على مستوى الخبرة، فجاءت النتائج متساوية، إذ اعتبر 36 بالمائة أن المتنافسين لهم خبرة لقيادة المنصب.
وسجل شولتس قبولا أفضل لدى النساء، بعدما أقنع 43 بالمائة منهن خلال المناظرة، مقابل 29 بالمائة فقط لميرتس. في المقابل، كان ميرتس أكثر نجاحا في إقناع الرجال، حيث بلغت نسبة الموافقين عليه 40 بالمائة مقابل 30 بالمائة لشولتس.
وبين فئة الشباب، مالت الكفة بوضوح إلى شولتس. إذ اختار 47 بالمائة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما شولتس، مقابل 25 بالمائة لميرتس. أما لدى الفئة العمرية بين 35 و59 عاما، فكان ميرتس متقدما بفارق ضئيل، حيث اختار 36 بالمائة ميرتس، مقابل 35 بالمائة لشولتس. وبالنسبة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما، كانت الصورة مشابهة: 34 بالمائة رأوا أن شولتس كان متفوقا، بينما فضل 36 بالمائة ميرتس.
وأجري الاستطلاع على عينة تضم 1374 مشاهدا مؤهلا للتصويت تم اختيارهم عشوائيا عبر الإنترنت ومن خلال الهاتف.
الهجوم خير دفاع
و أثناء المناظرة، بدا شولتس وعلى غير عادته هجوميا وأخذ على منافسه المحافظ فريدريش أنه “كسر أحد المحرمات” في السياسة الألمانية، في إشارة إلى محاولته لتمرير إجراءات لتشديد قوانين الهجرة عبر أصوات “البديل” الشعبوي، وهو ما أثار موجة غضب كبيرة في البلاد. وتابع شولتس بأنه “لم يعد يثق” في تعهدات منافسه.
من جهته، شدّد ميرتس على أن حزبه الاتحاد المسيحي الديموقراطي لن يتعاون أبدا مع حزب “البديل من أجل ألمانيا” الذي يحلّ في المركز الثاني في استطلاعات الرأي خلف المحافظين وأمام الحزب الاجتماعي الديموقراطي الذي ينتمي إليه المستشار.
الهجرة في صلب الحملة الانتخابية
ولأكثر من 25 دقيقية في مناظرة استغرت 90 دقيقة، أخذ موضوع الهجرة مكانة بارزة في النقاش. وعلّقت مجلة “دير شبيغل” الأسبوعية بالقول “لقد انقلبت الأدوار”، إذ إنّ شولتس الذي غالبا ما يُعتبَر خطابه باهتا جدا، قد ردّ “بعدوانية نادرا ما نراها”.
وفي معرض تعليقه على بعض مقترحات خصمه بشأن قضايا اللجوء، استشاط شولتس غضبا، سائلا “كيف يمكن لأي شخص أن يكون غبيا إلى هذا الحد؟”. وأخذ على خصمه المخاطرة بإحداث “أزمة أوروبية” من خلال الدعوة إلى إغلاق الحدود الألمانية.
وعدّد شولتس الإجراءات التي اتخذتها حكومته الائتلافية منذ نهاية عام 2021 للسيطرة على الهجرة غير الشرعية، لكنّ ميرتس اتهمه بأنه “يعيش في عالم آخر” وفي “عالم الخيال”.
ويراهن ميرتس على أن مقترحاته المتطرفة بشأن الهجرة لجذب العدد المتزايد من الناخبين الذين يميلون إلى التصويت لليمين المتطرف.
مقترح ترامب “فضيحة”
حدة الخلاف سرعان ما بهتت وظهرت لهجة أكثر توافقية، حين دار الحديث عن قضايا السياسة الخارجية، خاصة ما يتعلق بمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاضي بما أسماه الأخير سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزةوتحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” مع نقل سكانه إلى دول أخرى. وقد وصف شولتس الاقتراح بـ “الفضيحة”.
وقال إن “إعادة توطين السكان أمر غير مقبول ويخالف القانون الدولي”، وتسمية “ريفييرا الشرق الأوسط” فظيعة في ضوء الدمار الهائل في قطاع غزة.
تقييم شولتس، زكاه منافسه ميرتس على الفور، معتبرا مقترح ترامب جزءا من سلسلة مقترحات مزعجة قدمتها الإدارة الأمريكية، وقال: “لكن علينا أن ننتظر ونرى ما هو المقصود حقا بجدية وكيف سيجرى تنفيذه. ربما يكون هناك الكثير من الخطابة في الأمر”.
تحالف كبير؟
وإلى جانب هذا الاستطلاع الذي منح تقدما لشولتس، إلا أنه هناك العديد من المراقبين، ومواقع صحفية وقنوات إعلامية بما في ذلك القناة التلفزيونية الثانية (ZDF) خلصت إلى أن نتيجة المناظرةهي “التعادل” بين المتنافسين.
وفي هذا السياق يرى كارستن برزيسكي من بنك آي إن جي ING أن المناظرة “ربما لم تحرك الحملة الانتخابية بأي شكل فعّال”. وتابع بأنه ورغم حدّة الخطاب بين المرشحَين، فإن “الباب لا يزال مفتوحا أمام تحالف كبير آخر (بين الاتحاد الديموقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديموقراطي) بعد الانتخابات، حتى إن كان مرجحا أن تكون المفاوضات معقدة”.