Home اختيارات رئيس التحريرمجلس النواب أمام اختبار تاريخي: ضريبة الأرض أم ضريبة الكرامة؟

مجلس النواب أمام اختبار تاريخي: ضريبة الأرض أم ضريبة الكرامة؟

بقلم: صالح الشرّاب العبادي

by editor
69.9K views
A+A-
Reset

في زمن تتساقط فيه الأحلام وتضيق فيه سبل العيش، يقف المواطن الأردني وجهاً لوجه أمام ما هو أقسى من الفقر: القوانين الجائرة ، فوسط هذه الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي لم تبقِ ولم تذر، يفيق المواطن كل يوم على صدمة جديدة، لا تتعلق فقط بارتفاع الأسعار أو تهالك الخدمات، بل بتشريعات ضريبية جديدة تستهدف ما تبقى له من كرامةٍ، ومن فتات أرضٍ ورثها عن أجداده.

نحن لا نتحدث هنا عن رفاهية أو أملاك فارهة، بل عن تلك الرقعة الصغيرة من الأرض التي ظلّت عبر الأجيال ملاذًا للأردني، سترًا لعائلته، وعنوانًا لارتباطه العميق بجذوره ، اليوم، تقف هذه الأرض مهددةً بقانون ضريبة جديد، يعيد رسم العلاقة بين المواطن والدولة، ليس على أساس العدل، بل على أساس الإخضاع والجباية.

إن ما يواجهه المواطن الأردني اليوم ليس مجرد قانون ضريبة عقارية، بل مشروع استنزاف صامت، يُراد تمريره بحسابات محاسبية جافة لا تأبه لما خلفها من وجع، وقلق، وخوف من ضياع آخر ما تبقى ، هذا القانون، بصيغته الحالية، لا يحمل في جوهره إلا رسالة واحدة: من لا يستطيع الدفع، فليغادر أرضه.

وفي الوقت الذي تضحي فيه الشعوب بأرواحها للدفاع عن أرضها، كما نرى في غزة والضفة وسوريا واليمن والسودان، نجد أن المواطن الأردني يُدفع دفعاً للتخلي عن أرضه طوعًا، لا برصاص الاحتلال، بل بقلم مشرّع لا يرحم.

نسأل هنا وبوضوح: ماذا تريد الدولة من المواطن؟
هل المطلوب منه أن يكون الجندي الحامي، والمواطن الصابر، والممول الصامت في آنٍ واحد؟ هل المطلوب أن يدافع عن وطنٍ يُسلب منه شبرًا شبرًا، تحت وطأة الرسوم والضرائب؟ هل المطلوب أن يصل به الحال إلى أن يقول، بمرارة: “اذهبوا وربكم فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون”؟

يا مجلس النواب، يا من أقسمتم أمام الله والشعب أن تكونوا صوت المواطن لا سوط الدولة،
إنكم اليوم أمام لحظة فاصلة ، فإما أن تكونوا الحصن الذي يحمي أبناء هذا الوطن من هذا القانون الجائر، أو تكونوا أول من وافق على سلبهم أرضهم بيد التشريع. اليوم، لستم فقط ممثلين للشعب، بل أنتم الشاهد الأول على مستقبل العلاقة بين الدولة ومواطنيها.

ويا أحزاب الوطن،
إن الصمت في مثل هذه اللحظة خيانة. وهذه فرصتكم لتثبتوا أنكم مع الناس لا عليهم، ومع كرامتهم لا ضدها ، فالأرض ليست مجرد متر مربع على ورقة ملكية، بل هي تاريخ وهوية ومستقبل ، ومن لا يستطيع الدفاع عن أرضه، لا يستطيع أن يبني وطنًا.

إن رفض هذا القانون ليس ترفًا سياسيًا، بل واجب وطني وأخلاقي ، والأردنيون، وقد ضاقت بهم السبل، لا يطلبون المستحيل، بل فقط أن يُترك لهم ما تبقى من أرضهم، ليعيشوا عليها بكرامة، لا أن يُطردوا منها بقوانين، وصكوكٍ، وموازنات لا روح فيها.

اليوم، أنظار الشعب نحوكم. والتاريخ يسجّل.
فهل أنتم على قدر المسؤولية؟
هل أنتم قادرون على إسقاط هذا القانون؟
هل أنتم أهلٌ للثقة التي أودعها الناس فيكم؟

الجواب لا يحتاج إلى كلام، بل إلى موقف.

You may also like

Leave a Comment

اخر الاخبار

الاكثر قراءة

جميع الحقوق محفوظة العموم نيوز

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00