Home اختيارات رئيس التحريرالاستقلال ليس يومًا… بل مشروع أمة

الاستقلال ليس يومًا… بل مشروع أمة

صالح الشرّاب العبادي

by editor
76.4K views
A+A-
Reset

نُحيي كل عام في الخامس والعشرين من أيار عيد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية، لكنّنا المعنى سيكون منقوصاً إذا اختصرناه في الأعلام والاحتفالات فقط .
فالاستقلال، أيها الأردني النبيل الشريف ، ليس يومًا في الروزنامة — بل مشروع أمة، وعهدُ شعب، وبوابةُ مستقبل.

الاستقلال لا يُحافَظ عليه فقط … بل يُبدَع فيه …

لقد سبَقنا جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله برؤية بعيدة المدى، حين وضعنا أمام الحقيقة: أن الاستقلال لا يُقاس بتقادم السنين، بل ، بتقدّم السياسات، ونزاهة المؤسسات، وقدرة الشعب على أن يكون مصدر القوة لا متلقّي الأوامر.

ولي العهد، الأمير الحسين بن عبدالله أيده الله ، يحمل الشعلة نفسها، لكنه يزرعها في أرض الشباب ، بخطوات مدروسة، واهتمام بالغ بالتحول الرقمي، وريادة الأعمال، وفرص التعليم الحديث، يقودنا إلى استحقاقات الاستقلال الجديد: اقتصاد مستقل، دولة منتجة، إنسان فاعل وشباب مدرك وواعي ..

الشعب الأردني الوفي العظيم : الحارس الصامد لهذا الاستقلال

لكنَّ هذا المشروع الوطني العظيم، ما كان ليستمر لولا الحاضنة التي حمَتْه وأصَرّت عليه .

شعبٌ صبر على الأزمات، ولم يساوم على الوطن.
شعبٌ أصرّ على الولاء للقيادة، لا بدافع الخوف، بل من منطلق الفهم والإيمان والقناعة والشراكة ، والحكمة .
شعبٌ أعطى من جيبه، وعرقه، ودمه، ليبقى الأردن حرًا، ومهابًا، ومرفوع الرأس.

لقد حمَى هذا الشعب استقلال بلاده بالوعي، لا بالغضب.
وبالانتماء الصادق، لا بالشعارات.
وفي كل محطة مصيرية ، من النكبات إلى الأوبئة، من التقلبات الاقتصادية إلى الهزات السياسية ، كان الأردني يقول: الوطن أولاً .

ليست مهمتنا أن نرث الاستقلال فقط، بل أن نُبدع فيه، ونمنحه ملامح جديدة ونسخة محدثة في كل جيل.
الاستقلال ليس أن نحفظ تاريخ من قاتل لأجله فحسب، بل أن نكون نحن جديرين بأن نُذكَر مثلهم يومًا ما في مستقبل أجيالنا….

أن تستقلّ، يعني أن تُنتج لا أن تُقلّد.
أن تُضيف لا أن تُكرّر.
أن تنظر للأمام بثقة، لا أن تعيش على ذكرى الأطلال .

جيل اليوم: أنتم أبناء الاستقلال، لا جمهوره

يا شباب الأردن،
ما خُلقتم لتكونوا مشاهدين في حفلة وطنية، بل صُنّاعًا لمستقبل وطني.
أنتم لستم الجيل الذي يُقال له: لم تكونوا هناك حين نلنا الاستقلال ، بل الجيل الذي يُنتظر منه أن يضع طابعَه وبصمته الخاصة على معناه.

الاستقلال ينتظركم في معامل التكنولوجيا، في ساحات الزراعة، في صفوف التعليم، في منابر الحرية، في مختبرات الإبداع ، في مشاريع العمل ، وفي ميادين الرجولة..
كل فكرة تبني الوطن، وكل يد تزرع الأمل، وكل صوت يقول الحق ، هي امتداد لهذا الاستقلال.

التحدي اليوم: كيف نتحدى الصعاب ونتجاوز التحديات لنطور وطنا ونحيا باستقلاله ..

أن تكون الدولة مستقلة، لا يعني فقط أن عَلَمها مرفوع على سارية او عامود ، بل أن قرارها كذلك لا يُملى من أحد.
أن لا يخضع اقتصادها لمزاج المانحين.
أن لا تُقيّدها شروط الخارج على حساب شعبها.
أن لا يُعطى الفاسد حصانة، ولا يُحرم المُجتهد من فرصته.

كيف نُكمل مشروع الاستقلال؟
•بالمشاركة: لا تعتزلوا الشأن العام ، لا تقولوا ( ما في فايدة ) . الاستقلال لا يكتمل بالصمت.
•بالعدالة: لا استقلال حقيقي دون عدالة تُشعر المواطن أن الوطن له، لا عليه.

•بالكفاءة: لا توريث في الوطن. لا احتكار في القرار ، كل مَن يستحق، يجب أن يكون له مكان.
•بالحلم والعمل: احلموا بوطن أفضل… وابدأوا بصناعته من مقاعدكم، من أعمالكم، من أفكاركم ، من إبداعكم ، من دفاعكم عن ترابه وحدوده ، من فخركم بإنجازاته والمحافظة عليها وتطويرها وتقدمها ، لا الثبات عليها..او الاكتفاء بها ..والانكفاء على حدها القريب ..

دعونا نعيد تعريف الاستقلال

الاستقلال الحقيقي هو أن:

•يُصبح الإبداع عادة.

•ويُصبح النقد حبًا لا عداء.

•ويُصبح الوطن مشروعًا مستمرًا، لا نشيدًا محفوظًا.

•ويُصبح كل مواطن، جنديًا في معركة الكرامة ومقاتلاً شرساً دفاعاً عن صيانة الاستقلال ، لا فقط على الحدود، بل أيضًا في ميادين النزاهة، والعلم، والإبداع والضمير .

باستمرار رفعة الجيش والأمن وتطويره وتدريبه وتحديثه ليبقى الحامي الأول والأخير للاستقلال.

فلنحتفل بالاستقلال، نعم،وبكل فخر ..

لكن دعونا لا نكتفي بالاحتفال ، بل نبني، نُبدع، نُحب، نُقدّم ، نطور ، نحدث ونحافظ ، لنكون على قدر الوعد.

لأن الاستقلال الحقيقي… هو أن نصبح نحن، جزء من مشروع استقلال هذا الوطن .

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00