كتب محمد الطّورة
ظاهرة المساس بمكان العمل من قبل بعض الموظفين ؟
تعتبر الدبلوماسية أحد الأعمدة الرئيسية في بناء العلاقات الدولية، حيث تلعب دورًا حيويًا في تحقيق السلام والاستقرار بين الدول. تنعكس أهمية الدبلوماسية في تلك القنوات الرسمية التي تتيح للدول التواصل والتفاوض حول مختلف القضايا العالقة. تسهم البعثات الدبلوماسية، بسفاراتها وقنصلياتها، في تقديم المشورة والتوجيه لدولها، كما تمثل وجهة نظرها في المحافل الدولية.
على الرغم من الأهمية الحيوية للدبلوماسية، تواجه البعثات الدبلوماسية تحديات كبيرة، أبرزها الهجمات الإعلامية التي يمكن أن تُعمل على تقويض سمعتها.
في الآونة الأخيرة، تصاعدت ظاهرة تقديم معلومات مغلوطة أو مفبركة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، مما يؤثر سلبًا على صورة البعثات الدبلوماسية ورؤسائها. هذه الأخبار المزيفة قد تتسبب في خلق انطباعات خاطئة عن الدول وعلاقاتها، وقد تؤدي إلى توترات لا طائل منها.
تتطلب التحديات التي تواجها الدبلوماسية اليوم التعامل بشكل استباقي. إذ ينبغي على البعثات الدبلوماسية استخدام استراتيجيات فعالة لمكافحة الأخبار المفبركة، ومنها التواصل الشفاف والفعال مع الجمهور، وتوظيف تقنيات إعلامية حديثة للحفاظ على مصداقية المعلومات. من الضروري أيضًا أن تتعاون الدول مع بعضها في تحسين الوسائل المناهضة لانتشار الأخبار الكاذبة وضمان الحفاظ على مصداقية الدبلوماسية.
خلال السنوات الأخيرة، شهدنا تطوراً ملحوظاً في انتشار الأخبار المفبركة من مصادر غير موثوقة، مما أثر بشكل كبير على سمعة بعض المؤسسات الدبلوماسية. تقوم هذه الأخبار غالبًا على تسريبات من موظفي تلك البعثات الذين يختارون تزويد وسائل الإعلام أو المنصات الاجتماعية بمعلومات مضللة لإسباب ومبررات غير مقنعة.
تتوزع آلية انتشار الأخبار المفبركة على عدة منصات، حيث تساهم الشبكات الاجتماعية بشكل خاص في تعزيز انتشار هذه المعلومات بسرعة كبيرة. يعرف الكثير من مستخدمي هذه الشبكات بأنهم يتعرضون لمحتوى موجه، وغالبًا ما يكون خبرًا مزيفًا يهدف إلى تحقيق غايات شخصية معينة أو الضغط على مؤسسات بعينها. ومن خلال إعادة نشر هذه الأخبار، يعتقد مروجيها أنه يتم تقويض مصداقية البعثات الدبلوماسية.
علاوة على ذلك، فإن الأخبار المفبركة لها القدرة على تشكيل الرأي العام وإحداث ردود فعل قوية في المجتمعات. فجنبا إلى جنب مع الضغط الإعلامي المتزايد، تصبح الفئات المستهدفة أكثر عرضة للتأثر بهذه المعلومات،وفي ظل عدم توفر معلومات دقيقة، يصبح من الصعب على الجمهور تكوين آراء مبنية على أسس صحيحة وأكثر موضوعية.
لا شك أن هناك توترات داخلية وصراعات قد تدفع بعض الموظفين غير المنتمين للمؤسسة إلى نشر أخبار مفبركة أو معلومات مضللة. تكمن إحدى الدوافع الرئيسية وراء هذا السلوك في النزاعات الشخصية، مما يحفزه على استخدام الإعلام والفضاء الألكتروني المفتوح كوسيلة لتسوية الحسابات.
انتشار الأخبار المفبركة،يستلزم تبني استراتيجيات فعالة لحماية سمعة البعثات الدبلوماسية.مما يتطلب الاستجابة لهذه التحديات بتعزيز الفهم لدى الموظفين حول كيفية التعامل مع المعلومات وكيفية تمييز الحقائق عن الشائعات. في هذا الصدد، تعتبر الشفافية قيمة أساسية؛ حيث يحتاج أعضاء البعثات الدبلوماسية إلى أن يكونوا حريصين على مشاركة المعلومات الدقيقة مع وسائل الإعلام والمجتمع. يجب أن تشمل استراتيجية التواصل الخطط الواضحة للاستجابة للأخبار المفبركة، مما يساعد في تعزيز الثقة العامة في البعثة.
تساهم آليات التواصل الفعال مع السلطات الإعلامية في الحد من انتشار المعلومات المضللة وسد الطريق على كل من تسول له نفسة بث أخبار مفبركة عن البعثة ومنتسبيها. يتطلب ذلك إقامة شراكات استراتيجية مع وسائل الإعلام، بحيث يمكن للبعثة واعضائها إقامة التواصل المباشر مع الصحفيين ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي. من خلال توفير البيانات الدقيقة والتحديثات المنتظمة، التي يصبح معها من الممكن تقليل الفجوات المعلوماتية التي تستغلها الأخبار الزائفة ومروجيها. كما يجب أن تكون هناك عملية مرنة لتدفق المعلومات، مما يتيح للبعثة إعادة تأكيد مواقفها بسرعة عند ظهور أي خبر مفبرك.
يتوجب على البعثات الدبلوماسية تعزيز النظم القابلة للتوسع لرصد أي تسريبات أو معلومات غير دقيقة. يجب تدريب الموظفين تحت طائلة العقاب القانوني على كيفية التعامل مع البيانات الحساسة، مما يضمن عدم تسرب المعلومات الهامة بطريقة مسيئة تهدد سمعة البعثة. من خلال الدمج المدروس بين هذه الاستراتيجيات، يمكن للبعثات الدبلوماسية تقوية موقعها في مواجهة الأخبار المفبركة، مما يسهم في الحفاظ على سمعتها وضمان سلامة المعلومات التي يتم تداولها.
أخيراُ لا بد من توعية الموظفين ان أسرار العمل تعتبر من العناصر الحيوية في استمرارية المؤسسات الحكومية. هذه الأسرار لا تقل أهمية عن الأسرار الشخصية التي نحافظ عليها في بيوتنا. وأن الإفصاح عن هذه المعلومات الحساسة قد يؤدي إلى أضرار جسيمة ليس فقط لبيئة العمل، بل أيضاً للوطن ككل.