العموم نيوز: لا يزال اللبنانيون يتابعون بقلق تفاصيل فضيحة خطيرة تتعلق بتهريب وتوزيع أدوية مزورة، بعضها مخصص لمرضى السرطان، ضمن شبكة فساد منسّقة تمتد من المعابر الحدودية وصولاً إلى صيدليات ومرافق رسمية، ما يشكل تهديداً مباشراً لصحة المواطنين.
وبحسب مصادر قضائية، يتولى الملف حالياً المحامية العامة المالية القاضية دورا الخازن، التي تلتزم الصمت رغم تعرضها لضغوط لمنع تسريب المعلومات، في وقت توقفت التحقيقات مؤقتاً بسبب عطلة عيد الأضحى، على أن تُستأنف الأسبوع المقبل.
شخصيات نافذة في دائرة الاتهام
أظهرت التحقيقات الأولية أن محمد خليل، شقيق النائب الحالي ووزير المالية السابق علي حسن خليل، هو المتهم الرئيسي في القضية، إلى جانب زوجته ماريا فواز التي غادرت إلى جورجيا بعد أن كانت تدير صيدلية في حيّ المادّي بالضاحية الجنوبية، وهي واحدة من عدة صيدليات أُغلقت مؤخراً.
وفي ردّ رسمي، نفى الوزير السابق أي علاقة له بالملف، مؤكداً أن القضية “خاصة بشقيقه وطليقته”، وأن لا صلة له بها على الإطلاق.
https://x.com/alihasankhalil/status/1930203130702033357
https://x.com/alihasankhalil/status/1930203132694323385
توقيفات تشمل ضباطاً وتجار أدوية
حتى الآن، تم توقيف أربعة أشخاص، بينهم ضابط في الأمن العام برتبة مقدم ونقيب في قوى الأمن الداخلي، إضافة إلى اثنين من تجار الأدوية، وسط ترجيحات بزيادة عدد الموقوفين مع توسع التحقيقات التي تشير إلى تورط ضباط آخرين وجهات أمنية، خصوصاً عبر مطار بيروت.
كما وردت معلومات عن تورط امرأة أخرى إلى جانب زوجة محمد خليل في الشبكة.
تهديد مباشر لمرضى السرطان
أحد أخطر جوانب الفضيحة تمثل في استبدال أدوية وزارة الصحة بأدوية مزورة تُباع لاحقاً بأسعار مرتفعة، ما يُعرض حياة مرضى السرطان لمخاطر صحية جسيمة، إذ تبيّن أن هذه الأدوية تفتقر للمواد الفعالة الأساسية.
وأكد نقيب مستوردي الأدوية جو غريّب أن الأزمة بدأت عام 2019، نتيجة شح الدولار وتوقف الاستيراد، مشيراً إلى أن النقابة لم تتمكن حينها من رصد حجم الكارثة بسبب الفوضى التي سادت السوق. وأظهرت التحاليل لاحقاً أن العديد من الأدوية المستوردة كانت غير مطابقة للمواصفات أو منتهية الصلاحية.
مناشدات بالتحرك السريع
وأضاف غريّب في تصريحات لـ”العربية.نت/الحدث.نت” أن النقابة تعاونت مع الجهات الأمنية ورفعت شكاوى رسمية، لكنه شدد على أن مسؤولية الضبط والتحقيق تقع على عاتق وزارتي الصحة والداخلية، مطالباً بإجراءات حازمة ضد الصيدليات المخالفة، وإحالة المسؤولين إلى النيابة العامة.
وأكد أن كل شحنة دواء يجب أن تخضع لفحوصات مختبرية دقيقة قبل دخولها السوق، محذراً من أن التراخي في هذا الإطار سمح بتمدد شبكات التهريب والتزوير.
مصادر التهريب: تركيا ومصر وسوريا
وبحسب غريّب، فإن الجزء الأكبر من الأدوية المزورة والمهربة يأتي من تركيا ومصر، فيما دخلت أدوية مزورة أخرى من إنكلترا. أما الأدوية القادمة من سوريا، فتصنّف ضمن “غير المسجلة”، نظراً لعدم اعتراف وزارة الصحة اللبنانية بها بسبب عدم استيفائها الشروط القانونية.
تحرك نيابي
وفي السياق نفسه، كشف النائب بلال عبدالله أن لجنة الصحة النيابية عقدت اجتماعاً موسعاً بمشاركة وزراء الصحة والعدل والدفاع والداخلية، إضافة إلى الأجهزة الأمنية، وتم وضع خطة طوارئ للتعامل مع هذه الأزمة.
وأشار إلى أن الفوضى التي سادت سوق الدواء منذ بدء الأزمة الاقتصادية عام 2019 فتحت الباب أمام انتشار هذه الشبكات، داعياً إلى التشدد في الرقابة على كل دواء يدخل البلاد، لا سيما من حيث شروط التخزين والمصدر.
أزمة تمس صميم النظام الصحي
هذا الملف لا يُعد مجرّد قضية فساد مالي أو تجاري، بل يمس جوهر النظام الصحي في لبنان، ويعرض حياة الآلاف للخطر، بحسب ما أكد خبراء في المجال الصحي.
وأعاد الكشف عن هذه الشبكة المنظمة التذكير بضرورة إجراء إصلاحات شاملة في آليات استيراد وتوزيع الأدوية، إلى جانب تعزيز الشفافية والمحاسبة في القطاعين العام والخاص، للحفاظ على صحة المواطنين وكرامتهم.