Home اختيارات رئيس التحريرفصل جديد على مسرح الشرق الأوسط: صفقة هدنة أم هدنة في صفقة؟

فصل جديد على مسرح الشرق الأوسط: صفقة هدنة أم هدنة في صفقة؟

صالح الشرّاب العبادي

by editor
70.2K views
A+A-
Reset

بينما تتساقط جثث المدنيين الشهداء على شاطئ غزة وفي نقاط توزيع المساعدات ، وتُهدم وتحرق المخيمات على رؤوس ساكنيها، يُفتح ستار جديد على
مسرح الدوحة والقاهرة ، حيث يتكرر المشهد ذاته منذ السابع من اكتوبر ، بأسماء لم تتغير، ودماء لم تجف ، هذه المرة، يتقدّم دونالد ترامب بثقة إلى خشبة المسرح، معلنًا أن إسرائيل قبلت مقترحًا جديدًا لوقف إطلاق النار لمدة شهرين، وكأن النيران ستتوقف فقط لأن نجم تلفزيون الواقع ، قرر أن يُخرج مشهدًا جديدًا.

المشهد الأول: مقترح مشروط وملغوم

وفق ما كشفته وتناقلته الأخبار ، تلقت قيادة حركة حماس نسخة محدثة من مقترح التهدئة السابق الذي حمله المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، مع تعديلات طفيفة على سيناريو نتنياهو تمت بوساطة قطرية ومصرية. لكن خلف هذا المقترح المحدَّث ، تقرأ حماس جملة أفخاخ واضحة:

•لا نصّ صريح على إنهاء الحرب، بل هدنة مؤقتة تحت بند “التقييم”.

•لا ضمانات حقيقية بالإفراج عن الأسرى.

•لا تعهد إسرائيلي بوقف الحرب والقصف أو الاجتياحات البرية ، والإبادة.

باختصار، هو اتفاق “وقف مؤقت للمجازر” لا يختلف كثيرًا عن نموذج اعادة تعبئة الذخيرة في مخازن البنادق الذي بات مألوفًا في العقلية العسكرية الإسرائيلية.

المشهد الثاني: نتنياهو والمناورة

نتنياهو، الممثل المحترف ومؤلف حوار التفاوض ، يقف على خشبة المفاوضات ليس بحثًا عن سلام، بل لشراء وقت، وترميم صورته داخليًا، وتقديم “مكسب تفاوضي” للولايات المتحدة قد يخدم ترامب الذي يخرج عن النص دائماً لصالح اسرائيل وغالباً ما ينتهي فصل انهاء التنفيذ على يديه . أما شركاؤه المتطرفون مثل بن غافير وسموتريتش، فيكملون ادخال تعقيد الحبكة للمسرحية بلعب دور “الصقر” الذي يرفض أي حل لا ينهي وجود المقاومة من جذوره.

هكذا يتم تقديم إسرائيل، كعادتها، ضحية تبحث عن الأمان، بينما تُمارس القصف والتجويع والتهجير، في تكرار ممل لمشهد القاتل الذي يصرخ قبل أن يُضرب .

المشهد الثالث: العرب.. جمهور أم كومبارس؟

ما يُقلق حقًا، هو استمرار العواصم العربية في أداء دور “الوسيط المهتم” دون أي جرأة على التحول إلى فاعل سياسي حقيقي ، تتحرك القاهرة والدوحة، لكن دون قدرة على فرض الحد الأدنى من الكرامة للفلسطينيين في بنود الاتفاق، ودون امتلاك أوراق ضغط جدية على تل أبيب أو واشنطن اللهم إلا طباعة النص الجاهز داخل نوافذ الشاشات الإسرائيلية.

الأسوأ من ذلك، أن بعض الأطراف العربية أصبحت ترى في استمرار الحرب فرصة لإضعاف المقاومة، أو حتى لإعادة تشكيل القطاع بطريقة تُرضي النظام الإقليمي الجديد الذي تُرسم ملامحه بهدوء على أنقاض غزة.

الختام: لا هدنة في الأفق.. بل إدارة جديدة للصراع

الحديث عن هدنة لمدة 60 يومًا، دون نص صريح على وقف دائم لإطلاق النار، هو حديث عن استراحة مقاتل لإسرائيل، لا عن سلام ، إنه شكل جديد لإدارة الأزمة، لا حلّ لها ، وما لم تكن هناك إرادة دولية حقيقية، وقيادة فلسطينية موحدة ترفض الانجرار إلى شرك التفاوض تحت النار ، فإن السيناريو المقبل سيكون فصلًا جديدًا من الفصول المتكررة:
تهدئة مؤقتة، إعادة انتشار، ثم تصعيد أشدّ، فمجازر أخرى… ثم مفاوضات جديدة .. وهكذا دواليك..

غزة لا تحتاج إلى هدنة مشروطة، بل إلى تحوّل استراتيجي في ميزان القوى والرواية السياسية ، وما دون ذلك، هو فقط إعادة ترتيب المشهد المسرحي… والدماء على الأرض هي ذاتها.

You may also like

Leave a Comment

اخر الاخبار

الاكثر قراءة

جميع الحقوق محفوظة العموم نيوز

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00