من اهم مسارات الدولة الاردنية خلال المرحلة الراهنة بكل مافيها من قلق اقليمي الفصل الكامل-ما امكن- بين كل ما حولنا وبين خطط الدولة داخليا سياسيا واقتصاديا،ورغم صعوبة الامر الا ان الاردن يعمل في الحد الأقصى على فك الارتباط بين الاهتمام بشؤونه الخاصة وبين ما يجري حوله رغم التأثيرات الكبيرة للأحداث الإقليمية.
لكن الاردن لديه واقع اقليمي يصعب توقع القادم منه،وايضا من الصعب التفاؤل باستقرار اقليمي ولو نسبي وخارطة المنطقة لازالت متخمة بالتوتر وربما الازمات.
الملف الفلسطيني مازال اسيرا لنهج التطرف الاسرائيلي الذي يرفض فكرة السلام والاخطر انه يتبنى خططا للتغيير في تفاصيل المنطقة، اما القضية الفلسطينية فان ما يحمله العقل الاسرائيلي ليس حلا سياسيا بل تصفية القضية الفلسطينية في غزة والضفة،ولهذا فان الاردن ورغم إيمانه بالسلام وسعيه له يتوقع الاسوأ في الملف الفلسطيني.
ورغم تراجع النفوذ الايراني في الإقليم فان ايران لم تستسلم لهذا الواقع فما زالت تحاول أن تضع بصمة في مسار سوريا الجديدة، وفي لبنان ورغم ان حزب الله ومعه ايران وافقا على الاتفاق مع اسرائيل وخروج الحزب من جنوب لبنان فان المحاولات مازالت تجري منهما للقول أنهما موجودان عسكريا في الجنوب حتى لو كان ثمن المناكفة عودة الضربات العسكرية الإسرائيلية على لبنان.
وفي شمالنا سوريا التي تسابق الزمن لاعادة بناء الدولة والحصول على استقرار اقتصادي وسياسي،ورغم الخطوات الايجابية بما فيها رفع العقوبات الدولية الا ان خصوم الحكم الجديد يحاولون بمن فيهم بعض معارضي نظام بشار الذين يختلفون من الحكم الجديد او لم يحصلوا على ما توقعوا من حضور في الحكم الجديد اضافة الى دول وتنظيمات اقليمية.
اما الجنوب السوري وخاصة الحدود مع اسرائيل فان في تفاصيله ما يجعله ملفا شائكا، فهناك بقايا حضور لتنظيمات موالية لايران او فصائل فلسطينية، وهنالك الضغط الاسرائيلي عسكريا وسياسيا لبناء اتفاق سلام مع سوريا،وكل هذا يجعل الملف صعبا خاصة أن تلك المناطق قريبة من حدودنا الشمالية.
وفي المشهد العام هنالك خارطة نفوذ جديدة في الإقليم لم تكتمل وهذا يعني إمكانية ظهور توترات عسكرية مثل ما جرى بين ايران واسرائيل مؤخرا، وكل هذا يعني ان على الاردن ان يتعامل مع ازمات مفتوحة وتوترات قد تظهر في اي وقت وعمل اسرائيلي منهجي لبناء معادلة اقليمية جديدة.
مؤكد ان الاردن لن يوقف عجلة الدولة حتى نرى استقرار الإقليم فقد نحتاج زمنا طويلا ليحدث الاستقرار لكن الاولوية الاردنية تبقى الحفاظ على الدولة واستقرارها والذهاب ما أمكن الى التعامل مع اولوياتنا الوطنية.